سليمان بن وهب سعيد بن عمرو بن حصين بن قيس بن فناك كَانَ فناك كاتباً ليزيد بن أبي سفيان لمّا ولي الشام ثمّ لمعاوية بعده ووصله معاوية بولده يزيد وَفِي أيّامه مات . واستكتب يزيد ابنه قيساً وكتب قيس لمروان بن الحكم ثمّ لعبد الملك ثُمَّ لهشام وَفِي أيّامه مات . واستكتب هشام ابنه الحصي وكتب لمروان بن محمّد آخر ملوك بني أميّة ثمّ صار إلى يزيد بن عمر ابن هبيرة . ولمّا خرج يزيد إلى المنصور أخذ لحصين أماناً فخدم المنصور والمهدي وتوفيّ فِي أيّامه فاستكتب المهدي ابنه عمراً ثُمَّ كتب لخال بن برمك ثمّ توفيّ وخلَّف سعيداً فما زال فِي خدمة البرامكة وتحوّل ولده وهب إلى جعفر ابن يحيى ثمّ صار بعده فِي جملة كتاب الفضل بن سهل ثمّ استكتبه أخوه الحسن بن سهل بعده وقلّده كرمان وفارس فأصلح حالهَما ثمّ وجّه بِهِ إلى المأمون برسالة من فم الصلح فغرق فِي طريقه وكتب سليمان للمأمون وهو ابن أربع عشرة سنةً ثُمَّ لإيتاخ ثُمَّ لايتامش ثُمَّ ولي الوزارة للمعتمد . وَلَهُ ديوان رسائل وَكَانَ هو وأخوه الحسن المقدّم ذكره من أعيان الرؤساء وأبناء الزمان ومدحهما خلق كثير من الشعراء وفيه يقول أبو تمّام الطائي من الخفيف : .
كلُّ شِعبٍ كنتم بِهِ آلَ وهبٍ ... فهْو شِعْبي وشِعْب كلّ أديبٍ .
إنّ قلبي لكم لَكا لكبد الحَرّ ... ى وقلبي لغيركم كالقلوبِ .
وفيه بقول البختري من البسيط : .
كأنّ آراءه والحزم يتبعها ... تُريه كلَّ خفيّ وهْو إعلانُ .
مَا عابَ عَنْ عَيْنه فالقلبُ يكلؤه ... وإنْ تَتَمْ عينُه فالقلبُ يَقْظانُ .
وحُكي أنّه بلغ سليمان أنّ الواثق نظر إلى أحمد بن الخصيب الكاتب فأنشده من الطويل : فقال : إنّا لله أحمد بن الخصيب أمّ عمرو وأمّا الأخرى فأنا فكان الأمر كذلك فإنه نكبهما بعد أيّام . ولمّا تولىّ سليمان الوزارة وقيل لمّا تولاّها ابنه كتب إليه عبد الله بن عبيد الله بن طاهر من الطويل : .
أبى دَهْرُنا إسعافَنا فِي نفوسنا ... وأسعَفَنا فيمَنْ نُجِلُّ ونُكرمُ .
فقلنا لَهُ نعماك فيهم أتّمها ... ودَعْ أمرنا إنّ المهِمَّ المقدَّمُ .
من الناس إنسانانِ دَيني عليهما ... مليّان لو شاء لقد قضياني .
خليليَّ أمّا أمّ عمرو فإنهّا ... وإمّا عن الأخرى فلا تسلاني .
وتوفيّ سليمان مقبوضاً عَلَيْهِ سنة اثنتين وسبعين ومائتين .
وقال الطبري : توفيّ فِي حبس الموفّق طلحة . وَكَانَ سليمان بن وهب وهو حَدَثُ بتعشّق إبراهيم بن سوار بن ميمون وَكَانَ أحسن الناس وجهاً وَكَانَ إبراهيم يتعشّق مُغَنّيةً يقال لَهَا رخاص فاجتمعوا يوماً فسكر إبراهيم ونام فرأت سليمانَ يقبّل إبراهيمَ فلمّا انتبه لامته وقالت : كَيْفَ أصفو لَكَ وَقَدْ رأيت دليل تبدُّل فيك ! .
فهجر سليمانَ فكتب سليمان إليه من المجتثّ : .
قل للذي لَيْسَ لي مِنْ ... جَوَى هواه خلاصُ .
وَسَرَّ ذاكَ أُناساً ... لهم علينا اختِراصُ .
ووازَرَتْهم وُشاةٌ ... عَلَى عَذابٍ جراصُ .
فهاكَ فاقَتَصَّ منّي ... إنّ الجروحَ قِصاصُ