قال سليمان بن وهب : كنت قَدْ نشأت بالحضرة وتصرّفت فِي خدمة الخلفاء فلمّا تقلّدت مصرَ صرت إليها وواليها محمّد بن خالد الصريفيني وَكَانَ فِي غاية العفاف والنزاهة . فقبضت عَلَيْهِ لمّا وصلن إلى مصر وحبسته وقيّدته وَكَانَ بلغني أنّ عنده ستّين بغلاً من بغال مصر المنتخبة فطالبته بإهدائها إليّ فلم يعترف لي بها وَكَانَ أكثر أهل مصر يميلون إليه لحسن سيرته فاجتهدت فِي الكشف عَلَيْهِ والتتبّع فلم أقف عَلَى خيانة ولا ارتفاق فأقام فِي حبسي مدّةً ثُمَّ إنّ أخاه أحمد بن خالد الصريفيني أصلح حاله فِي الحضرة وَكَانَ متمكناً منها وأخذ العمل لأخيه محمّد كما كان وأنفذ الكتب إليه وسبق بِهَا كلّ خبر وبعث محمّد الصريفيني إليّ عند ذَلِكَ يقول : يَا هَذَا ! .
قَدْ طال حبسي وكشفت عليَّ فلم تجد لي خيانةً وأشتهي أن تحضرني مجلسك وتسمع حجّتي وتزيل السفراء بيني وبينك عَلَى أن نتّفق عَلَى مصادرة ! .
فطمعت بِهِ وقدّرت فِي نفسي الإيقاع به فأمرت بإحضاره فلمّا دخل رأيت من كثرة شَعره ووسخه وتأذّيه بالجبّة الصوف والقيد مَا غمّني فأجلسته بحضرتي وقلت : اذكر مَا تريد ! .
فقال : خلوةً ! .
فصرَفت الناس فأخرج إليّ كتاب بالصرف وقال : هَذَا كتاب بعض إخوانك فاقرأه ! .
فلمّا قرأته وددت أنّ أمّي لَمْ تلدني وعرفت من فرقي إلى قدمي وأظلمت الدنيا فِي عيني وَلَمْ أشكّ فِي لبس الجبّة الصوف والقيد والمصر إلى تِلْكَ الحال فلمّا قرأت الكتاب قمت إليه وجلست معه فقال : لا تشغل قلبك وابعثْ من يأخذ مَا فِي رجلي ! .
ففعلت وأحضرت المزيّن فأخذ من شعره ودخل الحمّام وخرج فقال : هات طعامك : فتغدّينا جميعاً وأنا أنظر إليه وهو لا يكلّمني بحرف فِي العمل ثُمَّ قال : أنأذن لي فِي الانصراف ؟ فقلت : يَا سيّدي ! .
هَذِهِ الدار وَمَا فِيهَا بأمرك ! .
فقال : لا ولكن أنصرف الساعة فأستريح وأغدوا إليك . ومضى فختم عَلَى الديوان وَعَلَى مَا فِيهِ وسيرّ إلي... فأحضرّهم ووكّل بهم وقال لي : لَيْسَ بك حاجة إلى أن تذكر شيئاً من أمر البلد فإنّي أحفظه وأعرفه وَقَدْ صار إليك من البلد كذا وكذا فأحضر الجهابذة وأمرهم بتسليم ذَلِكَ إليّ وأحضر لي البغالا الَّتِي كنت طلبتها منه وأنا لا أفتح الديوان ولا أنظر فِي شيء من حاله وأنت فِي مصر فانصرفْ فِي حفظ الله وكلاءته ثُمَّ إنّه خرج معي مشيّعاً فخرجت وأنا من أشكر الناس وأشدّهم حياءً منه لِما عاملته بِهِ ولِما عاملني بِهِ .
المدني .
سليمان بن يسار أبو عبد الرحمن المدني ويقال : أبو عبد الله . ويقال : أبو أيّوب . أخو عطاء وعبد الله مولى ميمونة زوج النبيّ A . روى عن زيد بن ثابت وابن عمر وأبي هريرة وابن عبّاس وعائشة وأمّ سلمة وميمونة وغيرهم . وروى عنه الزهري وعمرو بن دينار وقتادة ونافع ويحيى بن سعيد الأنصاري وميمون بن مهران وغيرهم توفيّ سنة سبع ومائة وقيل : سنة أربع وتسعين وقيل سنة مائة وقيل غير ذَلِكَ . وروى لَهُ الجماعة . وَكَانَ إماماً مجتهداً رفيع الذكر . قال الحسن بن محمّد بن الحنفيّة : سليمان عندنا أفهم من سعيد بن المسيّب . وقال مصعب بن عثمان : كَانَ سليمان بن يسار من أحسن الناس .
فدخلت عَلَيْهِ امرأة فراودته فامتنع فقالت : إذاً أفْضحُك ! .
فتركها فِي منزله وهرب . فحكى أنّه رأى فِي النوم يوسف الصدّيق يقول : أنا يوسف الَّذِي هممتُ وأنت سليمان الَّذِي لَمْ يهمّ . وعن أبي الزنَّاد أنّ سليمان كَانَ يصوم الدهر .
ابن يزيد بن عبد الملك .
سليمان بن يزيد بن عبد الملك . كَانَ فِي جملة من خرج عَلَى أخيه الوليد قتلته المسوّدة بدمشق سنة اثنتين وثلاثين ومائة .
فلك الدين .
سليمان بن... أخو العادل لأمه لقبه فلك الدين . نوفيّ سنة تسع وتسعين وخمس مائة C تعاى . ودُفن بداره بدمشق وهي المدرسة المعروفة بالفلكية بحارة الافتريس داخل باب الفراديس ووقّف عَلَيْهَا قرية الجمّان .
الشريف الكحّال