وَلَيْسَ الشجي مِثلَ الخليّ لأجل ذا ... بِهِ نَحْنُ نُحنا والحمامُ بِهِ غَنَّى .
ينادي مناديهم ويصغي إلى الصدى ... فيسألنا عنهم بمثل الَّذِي قلنا .
وأنشدني قال : أنشدني لنفسه من البسيط : .
للقُضبِ بالدَوْحِ أجْيابٌ وأجيادُ ... تَدْنو إليكَ وَتنْأى حين تنآدُ .
وللحباب عَلَى شطّي جداولها ... للسَيْفِ والعقد نَضّاءٌ ونَضَادُ .
وللنَسيمِ عَلَى الأفاقِ زَمْزَمَةٌ ... وللحمائِم بالأعواد أعوادُ .
فهاتِ كأسَك أو لُطفاً يقوم لَنَا ... مقامَ كأسك نَنقَى حين ننقادُ .
فما المدامة أحلى من حديثك إذ ... يجلوه للسمع إنشاء وإنشادُ .
أوْ خُذْ حَديثَ غرامي واتخذ سكرا ... ففيه للسكر إسعاف وإسعادُ .
بي شادنٌ لغرامي شارِدٌ أبداً ... وللتصبّر نفّاء ونفَادُ .
كم فِي غرامي بِهِ واشٍ وواشيةٌ ... وكم مع الدهر حُسّابٌ وحُسَادُ .
وكم عليّ إذا مَا غبتُ عنه وكم ... لي حين أحْضُرُ نقّال ونقّادُ .
وأنشدني قال : أنشدني لنفسه من الوافر : .
نَدىً فِي الأقحوانة أمْ شرَابُ ... وطلٌ فِي الشقيقة أم رُضابُ .
فتلك وهذه ثَغْرٌ وكأسٌ ... لذا ظَلْمٌ وَفِي هَذَا شرَابُ .
وخُضرُ خمائلٍ كَجسُوم غِيدٍ ... قَدْ انتَقَشَتْ فَراقَ بِهَا الخِضابُ .
يريك بِهَا الشقيقُ سَوادَ هُدْبٍ ... وحمرةَ وجنةٍ فِيهَا التِهابُ .
ووُرقُ حمائمٍ فِي كُلِّ فَنٍّ ... إذا نَطَفَتْ لَها لحنٌ صَوابُ .
لَهَا بالطلّ أزرار حِسانٌ ... وأطواقٌ ومن وَرَقٍ ثِيابُ .
كأنّ النهر سَيفٌ مشرفيٌّ ... لَهُ فِي كَفّ صينقلهِ اضطرابُ .
تُجَرِّدُه يَمينُ الشمسِ طَوْراً ... وطوراً بالظَلالِ لَهُ قِرابُ .
يعابُ السيفُ إذ فِي جانبَيه ... فُلولُ وَهْوَ منها لا يعابُ .
فإن قُلتَ الحُبابُ انسابَ ذُعْراً ... ورُمتَ الرقش صَدَّقَك الحُبابُ .
وللأغصانِ هَيْنمةُ تُحاكي ... حبائبَ رَقَّ بَيْنهم العِتابُ .
وأنشدني قال : أنشدني لنفسه من الطويل : .
وَفِي الحيّ هَيْفاءُ المَعاطفِ لَوْ بَدَت ... مع البانِ كانَ الورُقُ فِيهَا تغنّتِ .
عجبْتُ لَهَا فِي حُسْنِها إذ تفرّدت ... لأيّة معنى بعد ذَاكَ تثنّتِ .
ومن شعر عفيف الدين أيضاً من البسيط : .
أفْدِي الَّتِي ابْتَسَمَتْ وَهْناً بكاظمةٍ ... فكان منها هُدَى الساري بنعمانِ .
وواجَهَتْها ظِباءُ الرمل فاكتسبتْ ... منها محاسنَ أجْيادٍ وأجْفانِ .
يسري النسيمُ بِعَطْفَيها فيصحبُه ... لُطفٌ يُميلُ عصُونَ الرند والبانِ .
مرّت عَلَى جانب الوادي وَلَيْسَ بِهِ ... ماءٌ فَقاضَ بِدَمْعي الجانِبُ الثاني .
مَوّهتُ عنها بسُلْمَى واستعَرْتُ لَهَا ... من وَصْفِها فاهتدى الشاني إلى شاني .
نَجْني عليّ وَمَا أحْلى أليمَ هَوىً ... فِي حُبّها حين ألجاني إلى الجاني .
ومنه أيضاً من الكامل : .
إن كَانَ قتلي فِي الهوى يَتَعَيَّنُ ... يَا قاتِلي فَبِسَيْفِ جَفْنِك أهْوَنُ .
حَسْبي وحَسبك أن تكونَ مدَامعي ... غسْلي وَفِي ثَوْب السَقامِ أُكفَّنُ .
عَجَباً لخَدِّك وَردُه فِي بانةٍ ... والبانُ فَوْقَ الغصنِ مالا يُمكِنُ .
أدْنَتْه لي سنة الكرى فلثمتُه ... حَتَّى تَبَدَّلَ بالشقيقِ السَوْسَنُ .
ووردتُ كَوْثَر ثَغْرِه فحسبتُني ... فِي جَنّةٍ من وَجْنتيه أسْكنُ .
مَا راعني إلاّ بِلال الخالِ غَو ... قَ الخدِّ فِي صُبح الجَبين يُؤَذّنُ .
قلت : هو مثل قول الحاجري من الطويل : .
أقامَ بِلال الخالِ فِي صحنِ خدّه ... يُراقِبُ من لألاء غرّته الفجرا