سليمان بن أحمد بن أيّوب بن مُطّير أبو القاسم اللخمي الطبراني من أهل طبريّة الشام . سمع بالشام ومصر والحجاز واليمن والعراق فأكثر . مولده سنة ستّين ومائتين وتوفّي سنة ستّين وثلاثة مائة . أوّل سماعه بطبريّة سنة ثلاث وسبعين ومائتين وله ثلاث عشرة من دُحيم لمّا قدم طبريّة .
وطوّف وسمع مع أبيه في البلاد وسمع كُتُبَ عبد الرزّاق وسمع بمصر في رجوعه من اليمن وسمع ببغداد والبصرة والكوفة وإصبهان وغير ذلك . وكان مولده بعكّا . وكان حسن المحاضرة طيّب المشاهدة . قرأ عليه يوماً أبو طاهر ابن لوقى حديثَ : كان يغسل حَصَى جماره فصحَفه وقال : يغسل خُصا حِماره . فقال : وما أراد بذلك يا أبا طاهراً قال : التواضع . وقال له يوماً : أنت ولدي يا أبا طاهر ! .
وإيّاك يا أبا القاسم ! .
قال أبو الحسين ابن فارس اللغوي سمعت الأستاذ ابن العميد يقول : ما كنت أظنّ أنّ في الدنيا حلاوة ألذّ من الرياسة والوزارة أنا فيها حتى شاهدت مذاكرة الطبراني وأبى بكر الجِعابي بحضرتي . فكان الطبراني يغلبه بكثرة حفظه وكان الجِعابي يغلبه بفطنته وذكائه حتى ارتفعت أصواتهما ولا يكاد أحدهُما يغلب الآخر . فقال الجعابي : عندي حديث ليس في الدنيا إلاّ عندي . فقال : هات ! .
فقال حدّثنا أبو خليفة ثنا سليمان بن أيّوب وحدّث بحديث فقال الطبراني : أنا سليمان بن أيوب ومنّي سمعه أبو خليفة فاسمعه منّي حتى يعلو فيه سندك فخجل الجعابي فوددت أنّ الوزارة لم تكن وكنت أنا الطبراني وفرحت كفرحه أو كما قال . عاش مائة سنة وعشرة أشهر وفيه يقول الصاحب من الخفيف : .
قَد وَجَدْنا في مُعْجَمِ الطبراني ... ما فَقَدْنا في سائِرِ البُلْدانِ .
بِأسانِيدَ لَيْس فيها سِنادٌ ... ومُتونٍ إذا رُفعْنَ مِتانِ .
قال الشيخ شمس الدين : وآخر من روى حديثه بالإجازة عالياً عندنا الزاهد القدوة أبو إسحاق ابن الواسطي أجاز له أصحاب فاطمة الجوز ذانيّة التي تفرّدت بالرواية عن ابن ريذة صاحب الطبراني . وصنّف معجم شيوخه وهو مجلّد والمعجم الكبير على أسماء الصحابة في عدّة مجلّدات . والمعجم الأوسط فيه أحاديث الأفراد والغرائب صنّفه على ترتيب أسماء شيوخه وكتاب الدعاء وعشرة النساء وحديث الشاميّين .
والمناسك وكتاب الأوائل وكتاب السنّة وكتاب الطوالات وكتاب الرمي والنوادر مجلّد ومسند أبي هريرة كبير وكتاب التفسير ودلائل البنّوة وكتاب الغزل كتاب الصلاة على النبيّ A كتاب فضائل العلم جزء ومسند شعبة ومسند سفيان ومسانيد طائفة روى عنه جماعة وآخِرُ من حدّث عنه بالسماع أبو بكر ريذة وبقي بعده سنين .
قلت : سمعت بقراءة الشيخ فتح الدين محمد بن سيّد الناس C فِي سابع جمادى الأولى سنة تسع وعشرين وسبع مائة بالقاهرة جميع عوالي المعجم الكبير للطبراني على الشيخ المحدّث تاج الدين أبي الطاهر إسماعيل بن إبراهيم ابن قريش أخبرنا به سماعاً من الشيخ زين الدين أبي طاهر إسماعيل بن عبد القوّي بن أبي العِزّ بن عزّون قال : أخبرتنا الشيخة فاطمة بنت الإمام أبي الحسن سعد الخير ابن محمّد بن سهل الأنصاري قراءةً عليها وأنا أسمع قالت : أخبرتنا الشيخة فاطمة بنت أحمد بن عبد الله عقيل الجوزذانيّة قراءةً عليها وأنا حاضرة فِي الثالثة . أنا أبو بكر محمّد بن عبد الله بن ريذة الضبّي أنا الطبراني .
أبو الربيع العبدري .
سليمان بن أحمد بن عليّ بن غالب العبدري الكاتب أبو الربيع . من أهل دانية سكن مرّاكش بعدما جالِ فِي الأندلس وكان جدّه عليّ وأبوه أحمد وأخواه محمد ويحيى شعراء ولبيتهم تباهة . وولي أبو العبّاس منهم قضاء مالقة وامتحن فِي قصّة عليّ الجزيري الثائر حين اشتدّ الطلب عليه . وقيل إنّه أطلق أخاه من السجن بمالقة بألف دينار رشوةً فأُسلم إلى صاحب الشرطة فضربه ألف سوط فهلك قبل استيفائها وأُمر به فصُلب بإزاء جذع الجزيري وذلك فِي سنة ستّ وثمانين وخمس مائة . فقال ابنه أبو الربيع هذا يرثيه من الكامل : .
يا مَن رَأى بَدْرَ لِتمامِهِ ... عَبَثَتْ بِهِ أيْدِي الزَمانِ تَثَرُّفا .
وَلَقَدْ نَظَرتُ إليهِ أقلَّهُ ... كالرُمْحِ عُرِّضَ من سِنانِ أرْهَفا