جَهَدَ الترابُ بِهِ ليَستُرَ شَخَصَهُ ... فإذا بِهِ قَدْ كان مِنْه ألْطَفا .
وكأَنَّه رام اللِحاق بعالم ال ... عُلْوِ الذي هو مِنهُمُ فاستَوْقَفا .
وَشجاه نَوحُ الباكياتِ لِفَقْدِه ... فثوى هنالك رِقَّةً وتَعَطُّفَا .
وقال فيه أيضاً من البسيط : .
لَو لَمْ تُعَذَّرْ عليه مِيتَةٌ سَبَقَتْ ... ورامَها كُلُّ أَهْلِ الأرضِ مَا قَدرا .
فاضَتْ جُفونُكَ أنْ قاموا فأعْظُمُهُ ... وَقد تَطايَرَ عَنْها اللَحْمَ وانْتَثَرا .
وأَوْثَقُوه إلى جذْعٍ بِمُثَثَةٍ ... يُنَكِّسُ الطَرْفُ عَنْها كُلَّ مَنْ نَظَرا .
ضاقَتْ به الأرضُ مِمّا كانَ حَمَّلها ... مِن الأيادِي فَمَجَّتْ شِلْوَهُ ضَجَرا .
وَعَزَّ إذ ذاك أنْ يَحْظَى بِهِ كَفَنٌ ... فما تَسَرْبَلَ إلاّ الشَمْسَ والقمرا .
لَم تَضْحَ أعْظُمْهُ يَوماً ولا ظَمِئَتْ ... قَلْبي لَهُنَ وَدَمْعي مُزْنَةٌ وتَرَى .
منها : .
ولَيْلَةٍ من حَظِيّات الزمان مَضَتْ ... حالفْتُ فيها الأسى والدَمعَ والسَهَرا .
غَنَّى بها الكَبْل إذ غَنَّى فَأسْمَعَني ... في رِجْل أحمدَ يَحكي حَيَّةً ذَكرا .
يا أحمدَ بنَ عليَّ هُبَّ مِنْ وَسَنٍ ... فما عَهُدْتُك تَكْرَى قَبْلها سَحَرا .
تاقَ الدُجى والمُصَلَّ تَحْتَ غَيْبتهِ ... إلى تِلاوَتك الآياتِ والسُوَرا .
قَدْ كُنتَ فِيه سرِاجاً نَستَضيءُ بِهِ ... حتّى إذا مَا خَبّتْ أنوارُك اعْتَكَرا .
وقال وقد أنزل من عوده ودفنه من الوافر : .
خليلي لو تَرَى فِي حمصِ دَفْني ... أبي لهَجَرْتَ طَعْمَك والمَناما .
أُواريه بِسَتْرٍ مِنَ ضرَيحٍ ... كأنّي مُغمِدٌ مِنْهُ حُساما .
كَأَنَّ محَاجِري وَرَثَتْ ... عَشيّةَ قُمْتُ أدْفِنُه غَماما .
وقال وقد توفّيت والدته من الطويل : .
طَوّى القَمَرينِ التُربُ عن أعْين الورى ... بميْتِ عُلىّ ماتت على إثْرِه العِرسُ .
فَأصبْحَت الغَبْراءُ خضراءَ مِنْهُما بآيَةِ ... ما قد حَلَّها البدرُ والشمسُ .
وقال يصف خِيلاناً من الوافر : .
وللألْبابِ مِنْ خَدَّيْ سُلَيمَى ... دَوَاعٍ للجُنونِ وَللْفُتونِ .
وما الخيلانُ أَبْصَرَ من رآها ... ألا رَدَّ الحَديثَ إلى يَقينِ .
ولكنْ فَوْق صَفْحتِها صقالُ ... تَمثَّلَ فيه أحْداقُ الجُفونِ .
قلت : شعر جيّد فيه الغَوص .
أمير المؤمنين المستكفي بالله .
سليمان بن أحمد بن الحسن بن أبي بكر بن عليّ لن أمير المؤمنين المسترشد . هو أمير المؤمنين أبو الربيع المستكفي بالله ابن الحاكم بأمر الله الهاشمي العبّاسي البغدادي الأصل المصري المولد . وُلد سنة ثلاث وثمانين أو فِي الَّتِي قبلها وقرأ واشتغل قليلاً . وخُطب لَهُ عند وفاة والده سنة إحدى وسبع مائة