أبْغي شِفاءَ تَدَلُّهي من دَلِّهِ ... ومتى يِرقُّ مُدَلّلٌ لمُدلّهِ .
كم آهةٍ لي في هواه وأنَّةٍ ... لو كان يَنْفَعُنِي عليهِ تأوُّهي .
ومآربٍ في وَصْلِهِ لو أنّها ... تُقْضَى لكانت عند مَبْسمِهِ الشَهي .
يا مُفْرداً بالحُسْنِ إنّكَ منتهٍ ... فيه كما أنا في الصَبابَةِ مُنْتَهِ .
قد لام فيك معاشرٌ أفأنْتَهي ... بالَلْومِ عن حُبِّ الحياةِ وأنت هِي .
أبْكِي لَدَيِهِ فَإنْ أحَسَّ بلَوْعَةٍ ... وتشهّقٍ أوْمَا بِطَرْفِ مُقَهْقِه .
أنا مِنْ محَاسِنِهِ وحالي عِندَهُ ... حَيرانُ بني تَفَكُّري وتفكُّهي .
ضِدّانِ قد جُمِعا بَلفْظٍ واحدٍ ... لي في هواه بمعْنَيَيْنِ مَوَجَّهِ .
لأُجرِّدَنًّ من اصطباري عَزمَةً ... ما رَبهُّا في مَحفَل بمُسَفَّهِ .
أوْ لستُ رَبَّ فضائلٍ لو حَازَ أد ... ناها وما أُزْهى بهِا غَيري زُهِي .
شهِدَتْ لها الأعداءُ واسْتَشْفَتْ بِها ... عَيْنا حسودٍ بالغباوة أكمَهِ .
أنا عبدُ مَن عَلِمَ الزَمانُ بعَجْزِهِ ... عن أن يجيء له بِنِدً مُشْبِهِ .
عبدٌ لعِزّ الدِّينِ ذي الشَرَفِ الذي ... دّلَّ الملوكَ لعِزِّه فَرُّخْشَهِ .
ونقلْتُ منه قال : أنشدني لنفسه في ذمّ النجامة والنجّمين من البسيط : .
يا طالِبَ الرزقِ بالتقويم تَصْنَعُه ... جَداوِلاً ذاتَ تقسيمٍ وتَوْجيهِ .
وتَدَّعِي سَفَهاً أنَّ النُجومَ لها ... فِعلٌ بتأثِيرِها في الخلق تَقْضيهِ .
خَفِّضْ عليك فما عند المنجِّمِ في ... تقويِمهِ غيرُ تَخْيِيلٍ وتمويهِ .
لولا حِسابٌ وتأريخٌ وضعتَهما ... فيه لكان هُراءً كلّ ما فيهِ .
ونقلْتُ منه قال : أنشدتني لنفسه في ذمّهم أيضاً من البسيط : .
يَهْذي المنجّمُ في أحكامه أبَداً ... وَمَنْ يُصَدِّقُه في الحُكمِي يُشبِهُهُ .
لكِنْ رُموزُ حِسابٍ يَستَدلّ بها ... ما يَنْبَغِي أنّنا فيها نُسَفِّهُهُ .
ونقلت منه قال : أنشدني لنفسه في ذمّهم أيضاً من السريع : .
وناجِمٍ في عِلمِ تَقْوِيِميِه ... بالحلّ والتسيير نجّامِهِ .
يزعم جهلاً أنّه بارعٌ ... مُحَرِّرٌ أحكامَ أحُكامِهِ .
يُهدِي لأقْوامٍ تَقَاوِيَمهُ ... ليَجتَدِي مِن رِفْدِ أقْوامِهِ .
النصفُ من آذارِ ميقاتُه ... عند انتهاء الدَوْر من عامِهِ .
حسابُه الرمزُ وتأريُخهُ ... مختصرٌ في حُسنِ إتمامِهِ .
لكِنَّه أصْدَقُ أحْكامِه ... أكذَبُ من أضْعاثِ أحْلامِهِ .
مَن شَكَّ في صِحَّةِ تَكْذِيِبهِ ... فالشَكُّ في صِحَّةِ إسلامِهِ .
ومن شعره أيضاً من الطويل : .
لبستُ من الأعمارِ تِسعين حجّةً ... وعندي رَجَاءٌ بالزيادة مُولَعُ .
وقد أقْبَلَتْ إحدى وتِسعون بعدَها ... ونفسي في خَمْسٍ وسِتٍّ تَطَلَّعُ .
ولا غَرْوَ إنْ آتى هُنيدةَ سالماً ... فَقَدْ يُدرِكُ الإنسانُ ما يَتَوَقَّعُ .
وَقَدْ كان في عَصْرِي رِجالٌ عرفتُهُمْ ... حَبَوْها وبالآمالِ فيها تَمَتَّعُوا .
وما عافَ قَبْليِ عاقِلٌ طُولَ عُمرِهِ ... ولا لامَه في ذاك للعَقلِ مَوْضعُ .
أبو محمّد الموسوي .
زيد بن الحسن أبو محمّد الموسوي . أورد له ابن النجّار قوله من الكامل : .
ما زِلتُ أعلم أوّلاً في أوْلٍ ... حتّى ظننتُ بأنّني لا علمَ لي .
ومن العجائِب أنِّ كَوْني جاهلاً ... مِن حَيْثُ كَوْني أنّني لم أُجْهَلِ .
أخون عليّ الرضا