مدارس آيات خلت من تلاوة ... ومنزل وحي مقفر العرصات .
لآل رسول الله بالخيف من منى ... وبالركن والتعريف والجمرات .
فما زالت تتردد في صدر المأمون حتى قدم عليه دعبل فقال : أنشدني قصيدتك التائية ولا بأس عليك ولك الأمان من كل شيء فيها فإني أعرفها وقد رويتها إلا أني أحب أن أسمعها من فيك . فانشده حتى صار إلى هذا الموضع : .
ألم تر أني مذ ثلاثين حجة ... أروح واغدو دائم الحسرات .
أرى فيئهم في غيرهم متقسماً ... وأيديهم من فيئهم صفرات .
وآل رسول الله نحف جسومها ... وآل زياد غلظ القصرات .
بنات زياد في القصور مصونة ... وبنت رسول الله في الفلوات .
إذا وتروا مدوا إلى واتريهم ... أكفا عن الأوتار منقبضات .
فلولا الذي أرجوه في اليوم أوغد ... لقطع قلبي إثرهم حسراتي .
فبكى المأمون حتى اخضلت لحيته وجرت دموعه على نحره .
ومن شعره فيهم : .
وليس حي من الحياء نعرفه ... من ذي يمان ولا بكر ولا مضر .
إلا وهم شركاء في دمائهم ... كما تشارك أيسار على جزر .
أرى أمية معذورين إن قتلوا ... ولا أرى لبني العباس من عذر .
أبناء حرب ومروان وأسرتهم ... بنو معيط ولاة الحقد والوغر .
أربع بطوس على القبر الزكي به ... إن كنت تربع من دين على وطر .
هيهات كل امرئ رهن بما كسبت ... يداه حقاً فخذ ما شئت أو فذر .
ويقال : إن دعبلاً من ولد بديل بن ورقاء . ويقال : إنه روى عن الثوري وشعبة ولا يصح وحديثه يقع عالياً في جزء الحفار . ووصله عبد الله بن طاهر بأموال بلغت ثلاث مائة ألف درهم . وكان يقول : لي خمسون سنة أحمل خشبتي على كتفي أدور على من يصلبني عليها فما أجد من يفعل ذلك .
ودخل إبراهيم بن المهدي على المأمون فقال : يا أمير المؤمنين إن الله فضلك في نفسك علي وألهمك الرأفة والعفو عني والنسب واحد وقد هجاني دعبل فانتقم لي منه . فقال : ما قال ؟ لعل قوله : .
نفر ابن شكلة بالعراق واهله ... فهفا إليه كل أطلس مائق .
فقال : هذا من بعض هجائه . فقال المأمون : لك بي أسوة فقد قال في قوله : .
أيسومني المأمون خطة جاهل ... أو ما أرى بالمس رأس محمد .
إني من القوم الذين سيوفهم ... قتلت أخاك وشرفتك بمقعد .
شادوا بذكرك بعد طول خموله ... واستنفذوك من الحضيض الأوهد .
وهجا ابن أبي دؤاد بعد كثرة إنعامه عليه حتى قيل إنه هجا خزاعة قبيلته فقال : .
أخزاع غيركم الكرام فأقصروا ... وضعوا أكفكم على الأفواه .
الراتقين ولات حين مراتق ... والفاتقين شرائع الأستاه .
وقال يهجو أخاه ونفسه : .
مهدت له ودي صغيراً ونصرتي ... وقاسمته مالي وبوأبه حجري .
وقد كان يكفيه من العيش كله ... رجاء ويأس يرجعان إلى فقر .
وفيه عيوب ليس يحصى عدادها ... فاصغرها عيباً يجل عن الفكر .
ولو أنني أبديت للناس بعضها ... لأصبح من بصق الأحبة في بحر .
فدونك عرضي فاهج حيا فإن أمت ... فباله إلا ما خريت على قبري .
وقال يهجو امرأته : .
يا من أشبهها بحمى نافض ... قطاعة للظهر ذات زئير .
يا ركبتي جمل وساق نعامة ... وزبيل كناس ورأس بعير .
قبلتها فوجدت طعم لثاتها ... فوق اللثام كلسعة الزنبور .
وقال يهجو المعتصم : .
ملوك بني العباس في الكتب سبعة ... ولم تاتنا في ثامن منهم الكتب .
كذلك أهل الكهف في الكهف سبعة ... غداة ثووا فيه وثامنهم كلب .
لقد ضاع أمر الناس حيث يسوسهم ... وصيف وأشناس وقد عظم الخطب .
؟ ؟ الفقيه السجزي