ماذا يقولون والماضون قبلهم ... على العداوة والشّحناء والإحن .
ماذا صنعنا إذا قال الرسول لنا ... ماذا صنعتم بنا في سالف الزمن .
العباسيّ الأمير .
داود بن علي بن عبد الله بن عباس أبو سليمان الهاشمي . كان بالحميمة من أرض الشراة من البلقاء وولي إمرة الكوفة في زمن ابن أخيه السّفاح . ثم ولاَّه المدينة والموسم ومكة واليمن واليمامة . روى عن أبيه وروى عنه الأوزاعيّ وسعيد بن عبد العزيز وشريك ومحمد بن أبي ليلى القاضيان وابن جريج وغيرهم . وكان بدمشق لما وصل الخبر بوفاة هشام بن عبد الملك فكتب بذلك إلى أخيه محمد .
وعرض عليه أن يبايع يزيد بالخلافة فأبى وقيل أنه كان قدرياً . وسئل عنه يحيى بن معين فقال : أرجو أنه ليس يكذب إنه إنما يحدِّث بحديثٍ واحدٍ . قال الشيخ شمس الدين : أعرض أهل الجرح عن الخلفاء وعن آبائهم وعن كشف حالهم خوفاً من السّيف والضّرب . وما زال هذا في كل دولةٍ قائمة يصف المؤرِّخ محاسنها وبغضّ عن مساؤئها . وكان داود هذا من جبابرة الأمراء له هيبة ورواء وعنده أدب وفصاحة .
وسمع سالم بن أبي حفصة يطوف بالبيت ويقول : لبيَّك مهلك بني أمية فأجازه داود بألف دينار . وكان داود لما ظهر أبو العباس بالكوفة وصعد المنبر ليخطب فحصر ولم يتكلم فوثب داود بن علي بين يدي المنبر فخطب وذكر أمرهم وخروجهم ومنَّى الناس ووعدهم العدل فتفرقوا عن خطبته . وحجّ بالناس سنة اثنتين وثلاثين ومائةٍ وهي أول حجةٍ حجّها ولد العباس ومات سنة ثلاث وثلاثين ومائةٍ وهو ابن اثنتين وخمسين سنة فأدرك من دولتهم ثمانية أشهرٍ وقيل تسعة أشهر . وروى له الترمذيّ وحدَّث عن أبيه عن جده .
عماد الدين بن الخطيب .
داود بن عمر بن يوسف بن يحيى بن عمر بن كامل الخطيب عماد الدين أبو المعالي وأبو سليمان الزبيدي المقدسي الشافعي خطيب بيت الآبار وابن خطيبها . ولد سنة ستٍ وثمانين وخمس مائةٍ وتوفي سنة ستّ وخمسين وست مائة . سمع من الخشوعي وعبد الخالق بن فيروز الجوهري وعمر بن طبرزد وحنبل والقاسم بن عساكرٍ وجماعة . وروى عنه الدمياطي وزين الدين الفارقي والعماد بن البالسي والشمس نقيب المالكي والخطيب شرف الدين والفخر بن عساكرٍ وولده الشرف محمد وطائفة من أهل القرية . وكان مهذباً فصيحاً مليح الخطابة لا يكاد يسمع موعظته أحد إلا وبكى . وخطب بدمشق ودرّس بالزاوية الغزالية سنة ثمان وثلاثين وست مائةٍ بعد الشيخ عز الدين بن عبد السلام لما انفصل عن دمشق . ثم عزل العماد بعد ست سنين ورجع إلى خطابة القرية .
الناصر داود صاحب الكرك .
داود بن عيسى بن محمد بن أيوب السلطان الملك الناصر صلاح الدين أبو المفاخر وأبو المظفَّر ابن الملك المعظّم ابن الملك العادل . ولد بدمشق في جمادى الآخرة سنة ثلاثٍ وست مائة وتوفي سنة ست وخمسين وست مائة . سمع ببغداد من القطيعي وغيره وبالكرم من ابن اللَّتِّي وأجاز له المؤيد الطوسي وأبو روح عبد المعز . وكان حنفيّ المذهب عالماً فاضلاً مناظراً ذكياً له اليد البيضاء في الشعر والأدب لأنه حصّل طرفاً جيداً من العلوم في دولة أبيه . وولي السلطنة سنة أربع وعشرين بعد والده وأحبّه أهل دمشق . وسار عمه الكامل من مصر ليأخذ دمشق منه فاستنجد بعمه الأشرف فجاء لنصرته . ونزل بالدهشة ثم تغيِّر عليه ومال لأخيه الكامل وأوهم الناصر أنه يصلح قضيته فاتفقا عليه وحاصراه أربعة أشرعٍ وأخذا دمشق منه .
وسار إلى الكرك وكانت لوالده وأعطي معها الصلت ونابلس وعجلون وأعمال القدس . وعقد نكاحه على عاشوراء بنت عمه الكامل ثم إن الكامل تغيّر عليه ففارق ابنته قبل الدخول بها . ثم إن الناصر بعد الثلاثين قصد الإمام المستنصر بالله وقدَّم له تحفاً ونفائس وسار إليه على البريّة ومعه فخر القضاة ابن بصاقة وشمس الدين الخسروشاهي والخواصُّ من مماليكه وألزامه وطلب الحضور بين يديه كما فعل بصاحب إربل فامتنع فنظم القصيدة البائية وأولها : من الطويل .
ودانٍ ألمّت بالكثيب ذوائبه ... وجنح الدُّجى وحفٌ تجول غياهبه .
تقهقه في تلك الربوع رعوده ... وتبكي على تلك الطلول سحائبه .
أرقت له لمّا توالت بروقه ... وحلّت عزاليه وأسبل ساكبه