الخضر بن شبل الفقيه أبو البركات الحارثيّ الدمشقيّ الشافعي خطيب دمشق ومدرِّس الغزّالية والمجاهديّة . كان فقيهاً إماماً كبير القدر بعيد الصّيت . بنى نور الدين مدرسته التي عند باب الفرج وجعله مدرِّسها . وقرأ على أبيالوحش سبيع وسمع منه ومن ابن الموازيني وجماعة . روى عنه ابن عساكر وابنه زين الأمناء وأبو نصر بن الشيرازي وآخرون . وتوفي سنة ثلاثٍ وسين وخمس مائة ودفن في مقبرة باب الفراديس .
ابن الزين خضر .
الخضر بن محمد بن الخضر بن عبد الرحمن بن سليمان بن علي . هو القاضي زين الدين ابن القاضي تاج الدين ابن زين الدين ابن جمال الدين ابن علم الدين ابن نور الدين كذا أملى عليّ نسبه . وسألته عن مولده فقال : في سنة عشرٍ وسبع مائة ليلة الأحد رابع ذي الحجّة . كاتب الإنشاء بالديار المصرية قادر على الكتابة سريعها يكتب من رأس قلمه التواقيع والمناشير . واعتمد القاضي علاء الدين بن فضل الله عليه فكان يجلس عنده بين يديه ينفّذ المهمات . قلّ أن رأيت مثله في الصبر على كتابة أشغال الديوان . وهو قليل النظم قرأ القرآن وصلَّى به وسمع البخاري على الحجار وستّ الوزراء وعلى غيرهما . وأخذ النحو عن الشيخ شهاب الدين بن الرحَّل وحفظ الألفيتين المالكيّة والمعطيّة وبحث المقرّب وصناعة الكتاب لابن النّحاس وبعض التنبيه تقدير الربع وحفظ عروض ابن الحاجب وقصيدة ابن مالكٍ في الفرق بين الظاء والضاد والتجريد للبحراني في البديع . ودخل دار العدل أيام الملك الناصر محمد عوضاً عن والده لما توجه كاتب سر حلب سنة ثلاث وثلاثين وسبع مائة . وأنشدني من لفظه لنفسه : من الطويل .
يحركني مولاي في طوع أمره ... ويسكنني شانيه وسط فؤاده .
ويقطع بي إن رام قطعاً وإن يصل ... يشق بجدِّي الوصل عند اعتماده .
ولما طلبت أيام السلطان الملك الصالح إسماعيل سنة خمسٍ وأربعين وسبع مائة وجلست في ديوان الإنشاء بقلعة الجيل تفل الجماعة الموقعون وكتب بعضهم إليّ شعراً من باب الهناء وأجبته . ثم بعد مدة كتب إليَّ زين الدين هذا : من الطويل .
تأخرت في مدحي لأني مقصِّرٌ ... وفضل صلاح الدين ما زال يستر .
خليل له الآداب حقاً ينالها ... جليل به الأصحاب تسمو تفخر .
لقد آنس الأمصار لما أتى لها ... وأوحش ربع الشام إذ كان يقفر .
فلا شهدت عيناي ساعة بعده ... ولا سهدت شوقاً إليه فتسهر .
ودام عليَّ القدر يرقى إلى العلا ... محامده بين الأنام تسطَّر .
فكتب الجواب إليه عن ذلك : من الطويل .
تفضّلت زين الدين إذ أنت أكبر ... وأشرف من مدحٍ به العبد يذكر .
فشرّفت قدريحين شنّفت مسمعي ... فيا من رأى شعراً على الدرِّ يفخر .
فما هو شعر يحضر الوزن لفظه ... ولكنه شيءٌ من السّحر يؤثر .
يجوز بلا إذنٍ على الأذن خفَّةً ... كأنّ الزلال العذب منه يفجَّر .
فها أنا منه في نعيمٍ مخلَّدٍ ... وعيشي بخضرٍ في ربا مصر أخضر .
وكتب إليَّ ملغزاً في قطن :