حمزة بن بيضٍ بكسر الباء الموحّدة وسكون الياء آخر الحروف وآخرها ضاد معجمة الحنفيّ أحد بني بكر بن وائل كوفي شاعر مجيد سائر القول كثير المجون . كان منقطعاً إلى المهلَّب بن أبي صفرة وولده ثم إلى بلال بن أبي بردة حصلت له أموال كثيرة إلى الغاية من ذهبٍ وخيلٍ ورقيق قيل أنه حصَّل ألف ألف درهم وتوفي سنة عشرين ومائة . أتى بلال بن أبي بردة وكان كثير المزاح معه قلما قدم عليه قال لحاجبه : استأذن لحمزة بن بيض الحاجب . فدخل الحاجب فأخبره به فقال : اخرج فقل له : حمزة بن بيض ابن من ؟ فقال له : ادخل فقل له : الذي جئت إليه إلى بنيار الحمام وأنت أمرد تسأله لان يهب لك طائراً فأدخلك وناكك ووهب لك الطّائر . فشتمه الحاجب فقال له : ما أنت وذا ؟ بعثك برسالةٍ فأخبره الجواب . فدخل الحاجب وهو مغضب . فلمَّا رآه بلال ضحك وقال : ما قال لك قبَّحه الله ؟ فقال : ما كنت لأخبر الأمير بما قال فقال : يا هذا أنت رسول أدِّ الجواب . فأبى فأقسم عليه حتى أخبره . فضحك حتى فحص برجليه وقال : قل له مد عرفنا العلامة فادخل . فدخل وأكرمه وسمع مديحه وأحسن صلته . وأراد بلال بقوله : ابن بيض ابن من قول الشاعر فيه : من البسيط .
أنت ابن بيضٍ لعمري لست أنكره ... فقد صدقت ولكن من أبو بيض ؟ .
وقدم على مخلد بن يزيد بن المهلَّب وعنده الكميت فأنشده : من المتقارب .
أتيناك في حاجةٍ فاقضها ... وقل مرحباً يجب المرحب .
ولا . لا تكلنَّا إلى معشرٍ ... متى وعدوا عدةً يكذبوا .
فإنَّك في الفرع في أسرةٍ ... لهم خضع الشرق والمغرب .
بلغت لعشرٍ مضت من سنيِّ ... ك ما يبلغ السّيد الأشيب .
فهمُّك فيها جسام الأمور ... وهمُّ لداتك أن يلعبوا .
وجدت فقلت : ألا سائلٌ ... فيعطى ولا راغبٌ يرغب ؟ .
فمنك العطيِّة للسائلين ... وممَّن ينوبك أن يطلبوا .
فأمر له بمائة ألف درهمٍ فقبضها وسأل عن حوائجه فأخبره بها فقضاها جميعاً . وقيل أنه حسده الكميت فقال له : يا حمزة أنت كمهدي التَّمر إلى هجر . فقال : نعم . ولكن تمرنا طيب من تمر هجر . وأودع حمزة عند ناسكٍ ثلاثين ألف درهمٍ ومثلها عند رجلٍ نبَّاذ . فأما الناسك فبنى بها داره زوَّج بناته وأنفقها وجحده . وأما النَّبّاذ فأدَّى إليه الأمانة في ماله . فقال حمزة : من المتقارب .
ألا لا يغرَّنك ذو سجدةٍ ... يظلُّ بها دائباً يخدع .
كأن بجهته حلبةً ... تسبِّح طوراً وتسترجع .
وما للتُّقى لزمت وجهه ... ولكن ليعثر مستودع .
فلا تنفرنَّ من أهل النَّبيذ ... وإن قيل يشرب لا يقلع .
فعندك علمٌ بما قد خبر ... ت إن كان علمٌ بهم ينفع .
ثلاثون ألفاً حواها السُّجود ... فليست إلى أهلها ترجع .
بنى الدار من غير ما ماله ... فأصبح في بيته يرتع .
مهائر من غير مالٍ حواه ... يقاتون أرزاقهم جوَّع .
وأدَّى أخو الكأس ما عنده ... وما كنت في ردها أطمع