طرفي وطرف أبي عليَّ ... ة دهرنا متوافقان .
من يفتخر بجواده ... فجوادنا عكَّازتان .
طرفان لا علفاهما ... يشرى ولا يتصاولان .
وقال أيضاً من أبيات : من الطويل .
ففي حالتينا عبرةٌ وتفكُّر ... وأعجب منه حبس أعمى ومقعد .
كلانا إذا العكَّاز فارقكفَّه ... يخرُّ صريعاً أو على الوجه يسجد .
فعكَّازه تهدي إلى السُّبل أكمهاً ... وأخرى مقام الرِّجل قامت مع اليد .
وكان بالكوفة امرأة موسرة وكان لها على الناس ديون بالسَّواد . فاستعانت بابن عبدل في دينها وقالت : إني لست بزوج . وجعلت تعرِّض بأنها تزوجه نفسها . فقام ابن عبدل في دينها حتى اقتضاه . فلما طالبها بالوفاء كتبت إليه : من الوافر .
سيخطئك الذي حاولت مني ... فقطِّع حبل وصلك من حبالي .
كما أخطاك معروف ابن بشرٍ ... وكنت تعدُّ ذلك رأس مال .
وضرب الحجّاج البعث على المحتملين ومن أنبت من الصِّبيان . وكانت المرأة تجيء إلى ابنها فتضمنه وتقول : يا ابني جزعاً عليه فسمِّي ذلك الجيش جيش با ابني . وأحضرابن عبدل وجرِّد فوجد أحدب أعرج فأعفي من ذلك فقال : من الطويل .
لعمري لئن جرَّدتني فوجدتي ... كثير العيوب سيءِّ المتجرَّد .
فأعفيتني لّما رأيت زمانتي ... ووفِّقت مني للقضاء المسدَّد .
ولست بذي شيخين يلتزمانه ... ولكن يتيمٌ ساقط الرِّجل واليد .
وخرج ليلةً وهو سكران محمولاً في محفَّة فلقيه صاحب العسس فقال له : من أنت ؟ فقال له : يا بغيض أنت أعرف بي من أن تسأل عني اذهب إلى شغلك فإن اللصوص لا يخرجون في الليل في محفَّة فضحك الرجل وانصرف . وكانت له جارية سوداء فولدت له إبناً أسود وكان أعرم الصبيان فقال فيه : من الرجز .
يا ربَّ خالٍ لك مسودِّ القفا ... لا يشتكي من رجله مسَّ الحفا .
كأنَّ عينيه إذا تشوَّفا ... عينا غرابٍ فوق نيقٍ أشرفا .
صاحب الأندلس الرَّبضي .
الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان ملك الأندلس . ولي الأمر بعد والده وامتدت أيامه وأقام في الأمر بعد سبعاً وعشرين سنةً وشهراً ولقَّب نفسه بالرَّبضي . وكان فارساً شجاعاً فاتكاً جباراً ذا حزمٍ ودهاء . كان يمسك أولاد الناس الملاح فيخصيهم ويمسكهم لنفسه . وتوفي سنة ست ومائتين وهو ابن خمسين سنة . ودفن في القصر وصلى عليه ابنه عبد الرحمن وقيل : كان عمره يوم مات اثنتين وخمسين سنة وله شعر . وقام بعده ولده أبو المطرِّف عبد الرحمن . ومن شعره : من البسيط .
قضبٌ من البان ماست فوق كثبان ... ولَّين عني وقد أزمعن هجراني .
ملكنني ملكاًذلَّت عزائمه ... للحبِّ ذلَّ أسيرٍ موثقٍ عان .
من لي بمغتصبات الروح من بدني ... يغصبنني في الهوى عزِّي وسلطاني .
وكان له ألفا فرس مرتبطة على شاطىء النهر بقبليِّ قصره يجمعها داران . وكان يعرف بالرَّبضيّ لأنه قتل أهل الربض القبليِّ وهو من جانب شقندة في العدوة الأخرى من قرطبة وراء الوادي وهدم ديارهم وحرثها فأصبحت فدادين بعد حرب عظيمة وظهر في ذلك بشجاعة وبسالة . وكان الحكم قد تظاهر في صدر ولايته بالخمور والفسق فقامت الفقهاء والكبار وخلعوه سنة تسعٍ وثمانين . ثم أعادوه لما تنصَّل وتاب . فقتل طائفة من الكبار وصلبهم بأزاء قصره . قيل : بلغوا سبعين نفساً وكان يوماً فظيعاً . فمقتته القلوب وأضمروا له السوء وأسمعوه الكلام المرّ . فتحصّن واستعد . وجرت له أمور يطول شرحها . قال أبو محمد بن حزمٍ : كان من المجاهرين بالمعاصي سفَّاكاً للدماء . وقال : من الطويل .
رأيت صدوع الأرض بالسِّيف راقعاً ... وقدماً لأمت الشِّعب مذ كنت يافعا .
فسائل ثغوري : هل بها اليوم ثغرةٌ ... أبادرها منتضي السِّيف دارعا .
وشافه على الأرض الفضاء جماجماً ... كأقحاف منثور الهبيد لوامعا .
تنبيك أني لم أكن في قراعهم ... بوانٍ وقدماً كنت بالسِّيف قارعا