حظر المليك حرامها وأنا اجتنبت حلالها .
ومتى أردت وصالها حتَّى أخاف زوالها ؟ ! .
! .
فقلت : الصُّحبة فقال : إني أقصد قوماً لعلهم لا يحتملونك ولعلك لا تحتملهم . وأشار بيده إلى الهواء ثم طرح في ركوتي دنانير . ثم مضى على ذلك سنين فلقيته يوماً في الكرخ وقد غطَّى وجهه بفوطةٍ وكان مطلوباً فسلَّم عليّ وقال : أغلام النوريّ ؟ قلت : نعم فجلس على عتبة باب دارٍ وأنشأ يقول : من الطويل .
لئن سهرت عيني لغيرك أو بكت ... فلا أدركت ما أمَّلت وتمنَّت .
وإن طلبت نفسي سواك فلا رعت ... رياض المنى من وجنتيك وجنَّت .
الحسام الأسنائيّ الطبيب .
الحسين بن منصورٍ حسام الدين أبو عليّ الأسنانيّ الطبيب . كان مشاركاً في فنونٍ من الآداب والعقليات والنِّجامة وكان يطبّ ويعطي ثمن الأدوية لم يطبّه . قال ابن شمس الخلافة : أظنه مات في أوائل المائة السادسة . ومن شعره يمدح سراج الدين بن حسان : من البسط .
باحت أسارير من أهوى بأسراري ... ووازرته على تعظيم أوزاري .
وأشرق النُّور من نورٍ بمبسمه ... فابتزَّ عقلي بأنوارٍ ونوَّار .
وما بخدَّيه من ماءٍ ومن لهبٍ ... أفاض دمعي وأصلى القلب بالنار .
حتى جعلت لظى قلبي له قبساً ... ليهتدي بضياه طيفه السَّاري .
وما خلعت عذاري فيه من سفهٍ ... لولا قيام عذاريه بإعذاري .
وما أمات اصطباري في الهوى جزعاً ... إلا بشفرة سيفٍ بين أشفار .
الحسين بن موسى .
النقيب الطَّاهر والد الرّضيّ .
الحسين بن موسى بن محمد بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالبٍ Bه أبو أحمد الموسوي الملقب بالطّاهر والد الرضي والمرتضى . كان من أهل البصرة وسكن بغداد . وتقلّد نقابة الطالبيين سنة أربع وخمسين وثلاث مائة . وعزل عنها سنة اثنتين وستين وتقلّدها أبو محمد الحسن بن أحمد بن الناصر . جيء به من الأهواز . ثم وليها ثانياً سنة أربع وستين . ثم عزل عضد الدّولة سنة تسع وستين وحمل إلى فارس واعتقل هناك . ثم وليها ثالثةً سنة ثمانين ولاّه الإمام الطائع والنظر في المظالم وإمارة الحاجِّ . واستخلف ولديه الرّضي والمرتضى . ولم يزل عليها إلى حين وفاته سنة أربع مائة . ومولده سنة أربع وثلاث مائة . وكان قد أضرَّ ودفن في داره ثم نقل إلى جوار الحسين بن علي ابن أبي طالب . ووف الثُّلث من أمواله وأملاكه على أبواب البِّر وتصدَّق بصدقاتٍ كثيرة . وهو الذي رثاه أبو العلاء المعري بقصيدة الفائية التي أولها : من الكامل .
أودى فليت الحادثات كفاف ... مال المسيف وعنبر المستاف .
وهي في سقط الزند .
منها وقد ذكر الغراب : .
لا خاب سعيك من خفافٍ أسحمٍ ... كسحيمٍ الأسديِّ أو كخفاف .
من شاعر للبين قال قصيدةً ... يرثي الشَّريف على رويِّ القاف .
هلاَّ دفنتم سيقه في قبره ... معه فذاك له خليلٌ واف .
تكبيرتان حيال قبرك للفتى ... محسوبتان بعمرةٍ وطواف .
فارقت دهرك ساخطاً أفعاله ... وهو الجدير بقلَّة الإنصاف .
ولقيت ربَّك فاستردَّ لك الهدى ... ما نالت الأيام بالإتلاف .
أبقيت فينا كوكبين سناهما ... في الصُّبح والظَّلماء ليس بخاف .
قدرين في الإرداء بل مطرين في الإ ... جداء بل قمرين في الإسداف .
والرَّاح إن قبل ابنة العنب اكتفت ... بأبٍ من الأسماء والأوصاف .
ما زاغ بيتكم الرَّفيع وإنَّما ... بالوهم أدركه خفيُّ زحاف .
قلت : قوله يرثي الشريف على رويِّ القاف يعني صوت الغراب إذا قال غاقٍ .
وأما هذا البيت الأخير فإنه بليغ المعنى وما عزِّي كبير بأحسن منه .
صاحب حمص