وأخبرني أقضى القضاة تقيّ الدين أبو الفتح السِّبكي قال : كان يقرىء في كلِّ شيءٍ في أيِّ كتابٍ كان . وانتفع به جماعة وأثنى عليه قاضي القضاة تقي الدين في الفقه . وكان يفتي ويدرِّس ويقرىء الطلبة . وهو وأخوه الحسن والزبير ثلاثة من أهل الخير والتعبُّد . وقال فيه الفاضل كمال الدين جعفر الأدفوي : هو الحسين بن علي بن سيِّد الأهل ابن أبي الحسن بن قاسم بن عمارٍ الأسدي الشيخ نجم الدين الأصفوني المعروف بابن أبي شيخة الشافعي . كان فقيهاً مشاركاً في الأصول والنحو وغير ذلك . سمع من أبي عبد الله محمد بن عبد الخالق بن طرخان ومحمد بن إبراهيم بن عبد الواحد المقدسي وأبي عبد الله محمد بن عبد القوي ومن ابي الحسن علي بن أحمد العراقي . والحافظ شرف الدين الدمياطيّ . وحدَّث بالقاهرة وأخذ الفقه عن أبي الفضل جعفر التزمنتي وغيره . واشتغل عليه الطلبة طائفةً بعد طائفة . وهو يشغل في غالب العلوم ويفتي . وتولى الإعادة بالمدرسة الشريفية بالقاهرة وغيرها . وأقام مدة بمدرسة الملك يلقي فيها الدروس . وتجَّرد مدة مع الفقراء وسافر معهم البلاد وجرى على طريقهم في القول بالشاهد . وأقام بجامع عمرو بن العاص مدة يشتغل ويشغل . وهو قويُّ النفس حدُّ الخلق مقدام في الكلام . وهو من أهل بيت معروفين بالعلم والصلاح . وتوفي في صفر سنة تسعٍ وثلاثين وسبع مائة .
ابن مصدَّق الصُّوفيّ .
الحسين بن علي بن مصدَّق بن الحسن الشَّيبانيّ الواسطي شرف الدين أبو عبد الله الصوفي بخانقاة سعيد السعداء رأيته مرات واجتمعت به عند الصاحب أمين الدين C . وأنشدني جملةً من شعره من ذلك : من مجزوء الكامل .
يا من هواه وحُّبه ... عطَّى على عيني وقلبي .
عطفاً عليَّ بنظرة ... فإليك إيجابي وسلبي .
ومنه : من الخفيف .
أنا أهواكم وأهوى نسيماً ... صحَّ لما أرسلتموه عليلا .
لوأردتم عودي إليكم سريعاً ... لبعثتم قلبي إليَّ رسولا .
ومنه : من الطويل .
وأحور أحوى فاتن الطَّرف فاتر ... مسير بدور التَّم من دون سيره .
متى جئت أشكو طرفه قال قدُّه ... ومن لم يمت بالسَّيف مات بغيره .
ومنه : من مجزوء الرجز .
دمشق في أوصافها ... جنَّة خلدٍ راضيه .
أما ترى أبوابها ... قد جعلت ثمانيه .
القحف .
الحسين بن عمر أبو عبد الله القاصّ المصريّ يعرف بالقحف . قال يرثي القاضي أبا الحسين بن المهتدي : من الخفيف .
إنِّما العيش والحياة غرورٌ ... كلُّ حيٍّ إلى الممات يصير .
حكم الموت بينهم حكم عدلٍ ... فتساوى غنيُّهم والفقير .
رحَّلتهم عن الدِّيار المنايا ... فحوتهم بعد القصور القبور .
وإذا كان غاية الحي موتٌ ... فطويل الحياة عندي قصير .
كلُّ شيءٍ يفنيه كرُّ الليالي ... ليس يبقى إلا اللطيف الخبير .
قلت : شعر مقبول ولعله الحسن بن علي بن عمر الذي تقدم ذكره والله أعلم بذلك .
أبو عبد الله الموصليّ .
الحسين بن عمر بن حمائل بن عليّ الموصليّ نقلت من خطِّ شهاب الدين القوصيّ في معجمه قال : أنشدني الشيخ الصالح أبو عبد الله الحسين المذكور لنفسه بدمشق عند مقدمه من مكّة شرَّفها الله تعالى : من الكامل .
عزَّ النَّصير وقلَّ فيك المسعد ... ووحدت من حبِّيك ما لا يوجد .
فعلام أمحضك المحَّبة مخلصاً ... وأروم قربك بالوفاء وتبعد .
لم يبق مني الشَّوق إلاَّ أضلعاً ... نحلت وأنفاساً بها تتصعَّد .
يا من يرنِّح عطفه مرح الصِّبا ... فيكاد من لينٍ يحلُّ ويعقد .
لو لم يبح قتلي عذارك عامداً ... ما جاء يوم الزَّحف وهو مزرَّد .
قلت : شعر جيد .
أبو عبد الله الكامل .
الحسين بن أبي الفوارس أبو عبد الله المعروف بالكامل أورده العماد الكاتب في الخريدة . وقال : أنشدني أبو المعالي الكتبي قوله : من المنسرح .
صبا إلى اللَّهو في هبوب صباً ... وقا : قم فالصَّبوح قد وجبا .
ها أنجم الصُّبح من مخافتنا ... ميلٌ إلى الغرب تطلب الهربا