بأحسن ممن أدار المدام ... فورست الكأس منه البنانا .
قلت : شعر جيد وقوله : " فمازج نشوتها عزة . . . البيتين " يشبه قول الحيص بيص : من الخفيف .
لا تضع من عظيم قدرٍ وإن كن ... ت مشاراً إليه بالتعظيم .
فالشريف الرفيع يسقط قدراً ... بالتجري على الشريف العظيم .
ولع الخمر بالعقول رمى الخم ... ر بتنجيسها وبالتحريم .
وكان مقداماً على حل الألغاز لا يكد يتوقف عما يسأل عنه فتفاوض أبو غالب بن الحصين هو وأبو منصور محمد بن سليمات بن قتلمش الذي تقدم ذكره في المحمدين في أمر ابن شبيب هذا وما هو عليه من حل اللغز ؛ فقال أبو منصور : تعال حتى نعمل لغزاً محالاً ونسأله عنه ؛ ونظم أبو منصور : من الوافر .
وما شيءٌ له في الرأس رجلٌ ... وموضع وجهه منه قفاه .
إذا غمضت عينك أبصرته ... وإن فتحت عينك لا تراه .
ونظم أيضاً : من الهزج .
وجارٍ وهو تيار ... ضعيف العقل خوار .
بلا لحمٍ ولا ريشٍ ... ولكن هو طيار .
بطبعٍ باردٍ جداً ... ولكن كله نار .
وأنفذ اللغزين إليه فكتب على الأول : هو طيف الخيال وكتب على الثاني : هو الزئبق . فجاءا إليه وقالا له : " هب اللغز الأول هو طيف الخيال والبيت الثاني يساعدك عليه فكيف تعمل في الأول ؟ " فقال : " لأن المنامات تفسر بالعكس ؛ لأن من بكى يفسر له بالضحك ومن مات فسر له بطول العمر " . وفسر اللغز الثاني فقال : " أبو منصور تكلم عليه كلاماً شذ عني " .
قلت : قوله : ولكن هو طيار ؛ أرباب صناعة الكيمياء يرمزون للزئبق بالطيار والفرا والآبق وما أشبه ذلك مما يناسب صفته وأما برده فظاهر ولإفراط برده ثقل جرمه وكله نارٌ لسرعة حركته وتشكله في افتراقه والتئامه كألسنة النار وعلى كل حال ففي ذلك تسامحٌ يجوز في مثل هذه الأشياء الباطلة إذا نزلت على الحقائق .
وقد ذكر ابن شرف القيرواني في كتابه : أبكار الأفكار عن رجلٍ يعرف بأبي علي التونسي وأنه وضع ألغازاً من هذه المادة التي لا حقيقة لها وأنشده إياها فيجيب عنها على الفور وينزلها على حقائق ؛ من ذلك : أنه صنع له لغزاً وهو : من السريع .
ما طائرٌ في الأرض منقاره ... وجسمه ي الأفق الأعلى .
ما زال مشغولاً به غيره ... ولا يرى أنه له شغلا .
فقال للوقت والساعة : هي الشمس وأخذ يتكلم على شرح ذلك . وذكر عدة ألغازٍ وضعها له وهو ينزلها على حقائق ويذكر لها مناسباتٍ لائقةً بذلك وسرد الجميع في أبكار الأفكار .
حفيد الإمام الناصر .
الحسين بن علي بن أحمد الناصر بن الحسن المستضيء بن المستنجد يوسف بن المقتفي محمد بن المستظهر أحمد أبو عبد الله وهو الأكبر من أولاد أبيه .
ولاه جده الناصر بعد وفاة والده بلاد خورستان وأعمالها وقلاعها ونواحيها سنة ثلاث عشرة وستمائة ولقبه : الملك المؤيد وسير معه أخاه الملك الموفق أبا عليٍّ يحيى ومضى في خدمتهما : الوزير مؤيد الدين القمي ونجاح الشرابي والأمراء والأعيان ودخلوها وخطبوا له ولأخيه من بعده بالمملكة والسلطنة هناك على منابر خوزستان ونزل هناك وأقام في دار المملكة .
وعاد مؤيد الدين والجماعة إلى أن بلغهم أن خوارزم شاه محمود بن تكش قد انفصل من العراق إلى بغداد فأعيد الأمير أبو عبد الله إلى بغداد .
وكان موصوفاً بالعقل والرزانة والنبل والرياسة وحسن الطريقة . وكان عوده إلى بغداد سنة خمس عشرة وستمائة ومولده سنة تسعين وخمسمائة .
ابن الأستاذ .
الحسين بن علي بن أبي بكر بن أبي الحسن بن علي الربعي أبو عبد الله المعروف بابن الأستاذ .
ولد بإربل سنة سبع وخمسين وخمسمائة . ونشأ بواسط . وكان والده من أهل بغداد يعلم الصبيان الخط