ولي الإشراف بالمخزن أيام المستضيء ولما عزل ابن العطار عن نظر المخزن تولى سعد الدين مكانه أيام الناصر سنة خمس وسبعين ثم عزل سنته .
دخل على المستنجد يوماً فقال له : " أين شتيت ؟ " فقال له : " عندك يا أمير المؤمنين " . فأعجبه هذا التصحيف منه .
وذكره العماد الكاتب في الخريدة ؛ فقال : " ابن شبيبٍ حلو التشبيب رقيق نسيم النسيب " .
وقال ابن شبيب في المستنجد : من البسيط .
أنت الإمام الذي يحكي بسيرته ... من ناب بعد رسول الله أو خلفا .
أصبحت لب بني العباس كلهم ... إن عددت بحروف الجمل الخلفا .
المستنجد هو الثاني والثلاثون من الخلفاء و لب جمل حروفها : اثنان وثلاثون .
ولد ابن شبيب سنة خمسمائة وتوفي سنة ثمانين وخمسمائة ودفن بمقبرة الكرخي .
ومن شعر ابن شبيب : من الطويل .
وأغيد لم تسمح لنا بوصاله ... يد الدهر حتى دب في عاجه النمل .
تمنيت لما اختط فقدان ناظري ... ولم أر إنساناً تمنى العمى قبل .
ليبقى على مر الزمان خياله ... خيالي وفي عيني لمنظره شكل .
ومنه : من الطويل .
سرى والدجى تصبي غدائره الجون ... نسيمٌ على سر الأحبة مأمون .
فراحت قدود البان من سكر راحه ... نشاوى فقد كادت تميد الميادين .
وشق له ورد الشقائق جيبه ... من الوجد وارتاحت إليه الرياحين .
وغنت له الورقاء بين مورق ... تجاوبها من جانبيه الوراشين .
فبلغ من سر التحايا لطائماً ... فهاج غراماً بالأضالع مكنون .
تهادى به طيف البخيلة واهتدى ... ومن دوننا البين المشت أو البين .
عليه من الظلماء ريطٌ ممسكٌ ... وفي جيده من لؤلؤ الطل موضون .
وما استيقظ الواشون إلا بنشره ... فقالوا وما قالوه حدسٌ وتخمين .
وعرج عنا يجعل الليل مركباً ... له وقمير الفجر في الشرق عرجون .
صباً أذكرت عهد الصبا وصبابتي ... بأسماء إذ دار الأحبة دارين .
سرى حيث لا تسري الشمول ودونه ... هوىً دافنٌ بين الجوانح مدفون .
وبحر الهوى حامي الغوارب مزبدٌ ... مخوفٌ وفلكي بالصبابة مشحون .
مشارع للعشاق فيها مناسكٌ ... لدين التصابي والنفوس قرابين .
صحا القلب إلا عن هواها فإنني ... بها بعد هجران الغواية مفتون .
إذا جن ليل جن حبي صبابةً ... بهم وليالي العاشقين بحارين .
وقد ظن خالٍ من جوى الحب أنما ... يخص به الماضون قيسٌ وميمون .
لعمرك كم للعامريات من به ... جنون وكم للدارميات مسكين .
وكم لأمير المؤمنين صنائعٌ ... هي الرمل ما ضمت زرود ويبرين .
ومنه : من المتقارب .
إذا حل تشرين فاحلل أوانا ... فإن لكل سرورٍ أوانا .
فهذا الربيع ضفا ظله ... ورق النسيم سحيراً ولانا .
منها : من المتقارب .
وقد سكنت نزوات العقار ... وبان الوقار عليها وآنا .
وصهباء لم تبتذلها اليهود ... ولا دوستها النصارى أمتهانا .
تأنق في عصرها المسلمون ... بأيمانهم يملؤون الدنانا .
فمازج نشوتها عزةٌ ... فصالت على العقل حتى استكانا .
فقد حرموها لأن الوضي ... ع من جهله بالشريف استهانا .
وندبٍ ندبنا لتحصيلها ... فما جشر الصبح حتى أتانا .
فجاء بها عطرٌ نشرها ... فأهدت عن السفح زندا وبانا .
وقمنا نقبل تيجانها ... ونشكر من باعها واشترانا .
أهنا الكرائم في مهرها ... ولن يكرم المرء حتى يهانا .
وطاف بها وبضراتها ... غزالٌ إذا صدق الوعد مانا .
فما درةٌ شدخت بالضياء ... نهاراً وما جبت عنها الصوانا .
تراءت فكفر غواصها ... لديها وأسجدت المرزبانا