وهارون ابن عبد العزيز الأوارجي الذي مدحه المتنبي بالقصيدة التي أولها : من الكامل .
أمن ازديارك في الدجى الرقباء ... إذ حيث كنت من الظلام ضياء .
هو خال أبيه .
كان كاتباً ناظماً ناثراً فاضلاً ساق صاحب الذخيرة له رسالةً سأل فيها مسائل تدل على وفور فضله . ووجد بخط والده على ظهر مختصر إصلاح المنطق الذي اختصره ولده الوزير أبو القاسم : " ولد سلمه الله وبلغه مبالغ الصالحين أول وقت طلوع الفجر من ليلةٍ صباحها يوم الأحد الثالث عشر من ذي الحجة سنة سبعين وثلاثمائة واستظهر القرآن العزيز وعدةً من الكتب المجردة في النحو واللغة ونحو خمسة عشر ألف بيتٍ من مختار الشعر القديم ونظم الشعر وتصرف في النثر وبلغ من الخط إلى ما يقصر عنه نظراؤه ومن حساب المولد والجبر والمقابلة إلى ما يستقل بدونه الكاتب وذلك قبل استكماله أربع عشرة سنة واختصر هذا الكتاب فتناهى في اختصاره وأوفى على جميع فوائده حتى لم يفته شيءٌ من ألفاظه وغير من أبوابه ما أوجب التدبير تغييره للحاجة إلى الاختصار وجمع كل نوع إلى ما يليق به . ثم ذكرت له نظمه بعد اختصاره ؛ فابتدأ به وعمل منه عدة أوراقٍ في ليلة وكان جميع ذلك قبل استكماله سبع عشرة سنة وأرغب إلى الله في بقائه ودوام سلامته " . انتهى .
وكان الوزير المغربي خبيث الباطن شديد الحسد على الفضائل وكان إذا دخل إليه النحوي سأله عن الفقه وإذا دخل إليه الفقيه سأله عن النحو وإذا دخل إليه الشاعر سأله عن القرآن قصداً للتبكيت .
وقال فيه بعض الشعراء : من المجتث .
ويلٌ وعولٌ وويه ... لدولة ابن بويه .
سياسة الملك ليست ... ما جاء عن سيبويه .
وكان الوزير المذكور من الدهاة العارفين ولما قتل الحاكم أباه وعمه وإخوته هرب الوزير ووصل إلى الرملة واجتمع بحسان بن مفرج بن دغفل صاحبها وأفسد نيته ونية جماعته على الحاكم وتوجه إلى الحجاز وأطمع صاحب مكة في الحاكم ومملكة الديار المصرية وعمل في ذلك عملاً قلق الحاكم بسببه ولم يزل الحاكم يعمل الحيل إلى أن استمال هؤلاء فقصد الوزير العراق هارباً من الحاكم وقصد فخر الملك أبا غالب بن خلفٍ الوزير فرفع خبره إلى الإمام القادر فاتهمه أنه ورد لإفساد دولته وراسل فخر الملك في إبعاده فاعتذر عنه فخر الملك وقام في أمره وانحدر فخر الملك إلى واسط وأخذ الوزير أبا القاسم معه ولم يزل عنده في رعايةٍ وكرامة إلى أن توفي فخر الملك مقتولاً .
وشرع الوزير في استعطاف قلب الإمام القادر حتى صلح له بعض الصلاح وعاد إلى بغداد قليلاً فاتفق موت كاتب أبي المنيع قرواش فتقلد الوزير موضعه .
وشرع يسعى في وزارة الملك مشرف الدولة البويهي فلما قبض على الوزير مؤيد الملك أبي علي كوتب الوزير أبو القاسم بالحضور من الموصل إلى الحضرة وقلد الوزارة من غير خلعٍ ولا لقبٍ ولا مفارقة الدراعة .
وأقام كذلك حتى خرج مشرف الدولة من بغداد فخرج معه وقصدا أبا سنان غريب بن محمد بن معن ونزلا عليه وأقاما بأوانا وبينا هو كذلك عرض له إشفاقٌ من مخدومه مشرف الدولة ففارقه وانتقل إلى أبي المنيع قرواش وأقام عنده .
ثم تجدد من سوء رأي الإمام القادر فيه فكتب إلى قرواشٍ بإبعاده فقصد أبا نصر بن مروان بميافارقين وأقام عنده إلى أن توفي ثالث عشر شهر رمضان سنة ثماني عشرة وأربعمائة وحمل إلى الكوفة بوصيةٍ منه ودفن بها في تربة تجاور مشهد الإمام علي بن أبي طالب Bه وأوصى أن يكتب على قبره : من الخفيف .
كنت في سفرة الغواية والجه ... ل مقيماً فحان مني قدوم .
تبت من كل مأثمٍ فعسى يم ... حى بهذا الحديث ذاك القديم .
بعد خمسٍ وأربعين لقد ما ... طلت إلا أن الغريم كريم .
وقيل : إنه لم يكل مغربي الأصل وإنما أحد أجداده وهو الحسين ابن علي بن محمد كانت له ولاية في الجانب الغربي ببغداد وليس ذلك بشيء ؛ فإنه قال في أدب الخواص وقد ذكر المتنبي : وإخواننا المغاربة يسمونه المتنبه "