ولا أخل بغزلانٍ تغازلني ... ولو دهتني أسود الغيل بالغيل .
حب السلامة يثنى حب صاحبه ... عن المعالي ويغري المرء بالكسل .
فإن جنحت إليه فاتخذ نفقاً ... في الأرض أو سلماً في الجو فاعتزل .
ودع غمار العلا للمقدمين على ... ركوبها واقتنع منهن بالبلل .
رضى الذليل بخفض العيش يخفضه ... والعز عند رسيم الأينق الذلل .
فادرأ بها في نحور البيد جافلةً ... معارضاتٍ مثاني اللجم والجدل .
إن العلا حدثتني وهي صادقةٌ ... فيما تحدث أن العز في النقل .
لو كان في شرف المثوى بلوغ منىً ... لم تبرح الشمس يوماً دارة الحمل .
أهبت بالحظ لو ناديت مستمعاً ... والحظ عني بالجهال في شغل .
لعله إن بد فضلي ونقصهم ... لعينه نام عنهم أو تنبه لي .
أعلل النفس بالآمال أرقبها ... ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل .
لم أرض بالعيش والأيام مقبلةٌ ... فكيف أرضى وقد ولت على عجل .
غالى بنفسي عرفاني بقيمتها ... فصنتها عن رخيص القدر مبتذل .
وعادة النصل أن يزهى بجوهره ... وليس يعمل إلا في يدي بطل .
ما كنت أوثر أن يمتد بي زمني ... حتى أرى دولة الأوغاد والسفل .
تقدمتني أناسٌ كان شوطهم ... وراء خطوي إذ امشي على مهل .
هذا جزاء امرئ أقرانه درجوا ... من قبله فتمنى فسحة الأجل .
وإن علاني من دوني فلا عجبٌ ... لي أسوةٌ بانحطاط الشمس عن زحل .
فاصبر لها غير محتال ولا ضجرٍ ... في حادث الدهر ما يغني عن الحيل .
أعدى عدوك أدنى من وثقت به ... فحاذر الناس واصحبهم على دخل .
وإنما رجل الدنيا وواحدها ... من لا يعرج في الدنيا على رجل .
غاض الوفاء وفاض الغدر وانفرجت ... مسافة الخلف بين القول والعمل .
وحسن ظنك بالأيام معجزةٌ ... فظن شراً وكن منها على وجل .
وشان صدقك عند الناس كذبهم ... وهل يطابق معوجٌ بمعتدل .
إن كان ينجع شيءٌ في ثباتهم ... على العهود فسبق السيف للعذل .
يا وارداً سؤر عيش كله كدرٌ ... أنفقت عمرك في أيامك الأول .
فيما اعتراضك لج البحر تركبه ... وأنت يكفيك منه مصة الوشل .
ملك القناعة لا يخشى عليه ولا ... يحتاج فيه إلى الأنصار والخول .
ترجو البقاء بدارٍ لا بقاء لها ... فهل سمعت بظلٍّ غير منتقل .
ويا خبيراً على الأسرار مطلعاً ... اصمت ففي الصمت منجاةٌ من الزلل .
قد رشحوك لأمرٍ إن فطنت له ... فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل .
ابن الخازن الكاتب .
الحسين بن علي بن الحسين أبو الفوارس المعروف بابن الخازن الكاتب .
كان فريد عصره في الكتابة . كتب خمسمائة مصحف ما بين ربعةٍ وجامعٍ خلا ما كتبه من كتب الأدب . وخطه مشهور . وكتب من الأغاني ثلاث نسخ . وتوفي فجاءة سنة اثنتين وخمسمائة .
وله شعر منه : من المديد .
عنت الدنيا لطلابها ... واستراح الزاهد الفطن .
كل ملكٍ نال زخرفها ... حسبه مما حوى كفن .
يقتني مالاً ويتركه ... في كلا الحالين مفتتن .
أملي كوني على ثقة ... من لقاء الله مرتهن .
أكره الدنيا وكيف بها ... والذي تسخو به وسن .
لم تدم قبلي على أحدٍ ... فلماذا الهم والحزن .
قلت : شعر مقبول .
الوزير المغربي .
الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن محمد بن يوسف بن بحر بن بهرام ابن المرزبان بن ماهان ينتهي إلى بهرام جور المعروف بأبي القاسم الوزير المغربي