وقتل معه يوم عاشوراء إخوته بنو أبيه : جعفر وعتيق ومحمد والعباس الأكبر بنو علي وابنه الأكبر علي وهو غير علي زين العابدين وابنه عبد الله بن الحسين وابن أخيه القاسم بن الحسن ومحمد بن عبد الله بن جعفر ابن أبي طالب وأخوه عون وعبد الله وعبد الرحمن ابنا مسلم بن عقيل Bهم .
وحمل رأس الحسين إلى يزيد فوضعه في طستٍ بين يديه وجعل ينكت ثناياه بقضيبٍ في يده ويقول : " إن كان لحسن الثغر " فقال له زيد ابن أرقم : " ارفع قضيبك فطالما رأيت رسول الله A يلثم موضعه " فقال : " إنك شيخ قد خرفت " فقام زيدٌ يجر ثوبه .
وعن محمد بن سوقة عن عبد الواحد القرشي قال : لما أتي يزيد برأس الحسين تناوله بقضيب فكشف عن ثناياه فوالله ما البرد بأبيض من ثناياه ثم قال : من الطويل .
نفلق هاماً من رجالٍ أعزةٍ ... علينا وهم كانوا أعق وأظلما .
فقال له رجل كان عنده : " يا هذا ارفع قضيبك فوالله لربما رأيت هنا شفتي رسول الله A ؟ فرفعه متذمماً عليه مغضباً .
وذكر ابن سعد أن جسده دفن حيث قتل وأن رأسه كفنه يزيد وأرسله إلى المدينة فدفن عند قبر فاطمة Bهما .
وقال الشيخ شمس الدين : ثم علق الرأس - على ما قيل - بدمشق ثلاثة أيام ثم مكث الرأس في خزائن السلاح حتى ولي سليمان الخلافة فبعث فجيء به وقد بقي عظماً أبيض فجعله في سفطٍ وطيبه وكفنه ودفنه في مقابر المسلمين . فلما دخلت المسودة نبشوه وأخذوه والله أعلم بمكانه الآن من ذلك الوقت .
قلت : وبعضهم زعم أن الخلفاء الفاطميين لما كانوا بمصر تتبعوه فوجدوه في علبة رصاص بعسقلان فحملوه إلى مصر وجعلوه في المكان الذي هو اليوم معروف بمشهد الحسين بالقاهرة وكان ذلك عندهم في داخل القصر يزورونه . والله أعلم .
وقيل : اسودت السماء يوم قتل الحسين وسقط ترابٌ أحمر وكانوا لا يرفعون حجراً إلا وجدوا تحته دماً .
وعن عمر بن عبد العزيز : " لو كنت في قتلة الحسين وأمرت بدخول الجنة لما فعلت حياء أن تقع عيني على محمد " .
ولما قتل قالت مرجانة ابنة عبيد الله بن زياد : " خبيث قتلت ابن رسول الله A لا ترى الجنة أبداً " .
وقال أعرابي : " انظروا ابن دعيها قتل ابن نبيها " .
وعن رأس الجالوت : " والله إن بيني وبين داود سبعين أباً وإن اليهود لتلقاني فتعظمني وأنتم ليس بينكم وبين نبيكم إلا أبٌ واحد قتلتم ولده " .
ولما أصبح الحسين يوم قتل قال : " اللهم أنت ثقتي في كل كرب ورجائي في كل شدة وأنت لي في كل أمرٍ نزل بي ثقةٌ وأنت ولي كل نعمة وصاحب كل حسنة " .
وعطش وقد قاتل أشد القتال فاستسقى فجيء بماء فرام الشرب فرمي بسهم في فيه فجعل يتلقى الدم بيده ويحمد الله وقيل : إنه رمى بالدم نحو السماء وقال : " اطلب بدم ابن بنت نبيك " وتوجه نحو الفرات فعرضوا له وحالوا بينه وبين الماء - أشار بذلك رجلٌ من بني أبان بن دارم - فقال الحسين : " اللهم أظمئه " فما لبث الأباني إلا قليلاً حتى رؤي وإنه ليؤتى بعسٍّ يروي عدةً فيشربه فإذا نزعه عن فيه قال : " اسقوني فقد قتلني العطش " وبقي الحسين Bه فريداً وقد قتل جميع من كانوا معه من المقاتلة أهله وغيرهم فلم يجسر أحدٌ أن يتقدم إليه حتى حرضهم شمر بن ذي الجوشن فتقدم إليه من طعنه ومن ضربه بالسيف حتى صرع عن جواده ثم حز رأسه .
قال الزبير : قتله سنان بن أبي أنس النخعي وأجهز عليه خولي بن يزيد الأصبحي من حمير .
وعن ابن عباسٍ قال : رأيت رسول الله A في المنام وعلى رأسه ولحيته ترابٌ فقتل : مالك يا رسول الله ؟ قال : شهدت قتل الحسين آنفاً .
وعن ابن عباس : رأيت رسول الله A فيما يرى النائم بنصف النهار أغبر أشعث وبيده قارورة فيها دم فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما هذا ؟ فقال : دم الحسين وأصحابه لم أزل منذ اليوم ألتقطه . فأحصى ذلك اليوم فوجدوه قد قتل يومئذ .
وقال محمد بن الحنفية : قد قتلوا سبعة عشر شاباً كلهم قد ارتكضوا في رحم فاطمة ونجا ذلك اليوم من القتل : الحسن وعمرٌو ابنا الحسين وعليٌّ الأصغر ابن الحسين والقاسم بن عبد الله بن جعفر ومحمد الأصغر ابن عقيل لصغرهم وضعفهم