وقال يوماً : " اللهم امسخني واجعلني جويريةً وزوجني بعمر بن الخطاب " فقال له زوجته : " سل الله أن يزوجك من النبي A إن كان لا بد لك من أن تبقى جويرية " فقال : " ما أحب أن أصير ضرة لعائشة Bها " .
وأتاه يوماً غلامه بفرخٍ وقال : " انظر هذا الفرخ ما أشبهه بأمه " فقال : " أمه ذكرٌ أو أنثى ؟ " .
وبنى ابنه داراً وأتقنها ثم أدخل أباه ليراها وقال له : " انظر يا أبه هل ترى فيها عيباً ؟ " فطاف بها ودخل المستراح واستحسنه ثم قال : " فيه عيب وهو أن بابه ضيقٌ لا تدخل منه المائدة " .
وكتب إلى وكيلٍ له أن يحمل له مائة منٍّ قطناً فحملها إليه فلما حلجت استقل المحلوج وكتب إليه أن هذا لم يجئ منه إلا الربع فلا تزرع بعدها قطناً إلا بغير حبٍّ ويكون محلوجاً أيضاً " .
وقال يوماً لصديقه : " وحياتك الذي لا إله إلا هو " .
وتردد إلى بعض النحويين ليصلح لسانه فقال له بعد مدة : " الفرس بالسين أو بالصين ؟ " .
وقال : " قمت البارحة إلى المستراح وقد طفئ القنديل فما زلت أتلمظ المقعدة حتى وجدتها " .
وانبثق له كنيف فقال لغلامه : " بادر أحضر من يصلحه لنتغدى به قبل أن يتعشى بنا " .
وطلب يوماً من البستاني الذي له بصلاً بخلٍّ فأحضر إليه بصلاً بلا خلٍّ فقال له : " لأي شيء ما تزرعه بخل ؟ " .
والصحيح أنه كان يتظاهر بذلك ؛ ليرى الوزراء منه هذا التغفل فيأمنوه على أنفسهم إذا خلا بالخلفاء .
؟ ؟ الرئيس بن سينا .
الحسين بن عبد الله بن سينا البخاري أبو علي الشيخ الرئيس فيلسوف الإسلام .
قال أبو عبيد عبد الواحد الجوزجاني : ذكر الرئيس قال : كان أبي رجلاً من أهل بلخ وانتقل إلى بخارى أيام نوح بن منصور واشتغل بالتصوف وأحضر لي معلم القرآن ومعلم الأدب وكملت العشر من العمر وقد أتيت على القرآن وعلى كثيرٍ من الأدب فكان يقضى مني العجب . وكان أبي ممن أجاب داعي المصريين ويعد من الإسماعيلية وقد سمع منهم ذكر النفس والعقل على الوجه الذي يقولونه وكذلك أخي وربما تذاكرا به وأنا أسمعهما وأدرك ما يقولانه ولا تقبله نفسي وابتدءوا يدعونني إليه . ثم جاء إلى بخارى أبو عبد الله الناتلي وكان يدعي الفلسفة فأنوله أبي دارنا رجاء تعليمي منه . وكنت قبل قدومه أشتغل بالفقه والتردد فيه إلى إسماعيل الزاهد وأبحث وأناظر فيه .
ثم ابتدأت بكتاب : إيساغوجي على الناتلي . ولما ذكر لي حد الجنس أنه هو المقول على كثيرين مختلفين بالحقائق في جواب ما هو وأخذته في تحقيق الحد بما لم يسمع مثله وتعجب مني كل العجب وحذر والدي من شغلي بغير العلم . وكان أي مسألة قالها لي أتصورها خيراً منه حتى قرأت ظواهر المنطق عليه وأما دقائقه فلم يكن عنده منها خبرٌ . ثم أخذت أقرأ الكتب على نفسي وأطالع الشروح حتى أحكمت المنطق وكذلك كتاب أقليدس فقرأت من أوله خمسة أشكالٍ أو ستةً عليه ثم توليت من نفسي حل بقية الأشكال بأسره . ثم انتقلت إلى المجسطي ولما فرغت من مقدماته وانتهيت إلى الأشكال الهندسية قال لي الناتلي : تول قراءتها وحلها بنفسك ثم اعرضها علي لأبين لك صوابه من خطئه . وما كان الرجل يقوم بالكتاب . وأخذت أحل ذلك الكتاب فكم من شكلٍ ما عرفه إلا وقت ما عرضته عليه وفهمته إياه .
ثم فارقنا الناتلي واشتغلت أنا بتحصيل العلم من الفصوص والشروح من الطبيعي والإلهي فصارت أبواب العلم تنفتح علي