لأنه ورد إليها أيام النواب بعد خروجها عن حكم ملوكها . ونظار مالها يدعون بالصاحب على العادة في أيام ملوكها وطلب إلى مصر وهو ابن بكتاش مشد الديوان وعاد إليها على عادته وأقام بها إلى أواخر سنة ثمان وأربعين وسبعمائة وتوجه إلى مصر وعاد إلى حلب موقعاً في الدست وناظر القلاع في جمادى الأولى سنة تسع وأربعين وسبعمائة .
وكان قد سافر إلى مصر مع والده واجتمع بالشيخ أثير الدين أبي حيان وبحث عليه في ألفية ابن مالك وأجازه وبحث على ابن حيان درساً في الحاجبية وأجازه .
وبيني وبينه مكاتبات كثيرة إلى الغاية ومراجعاتٌ تخجل أصوات الساجعات . من ذلك ما كتبه إلي وأنا بالرحبة : من الكامل .
قرت بمنصبك الجليل عيون ... ورنت إليك من السعود جفون .
وأتتك من رتب السعادة غادةٌ ... يسبيك منها الحاجب المقرون .
ودعتك للرتب العلية فارقها ... في نعمة وقرينك التمكين .
واصعد إلى درج المعالي راقياً ... أعلى العلا فلأنت ثم أمين .
والبس بها الخلع النفيسة دائما ... ولك السعادة في الأمور تعين .
فلسوف تعلو بعدها ويطير من ... أرجائها لك طائرٌ ميمون .
وهذه من جملة أبيات في أثناء كتاب وفي أثنائه : من الكامل .
أبشر بها من رحبةٍ قد أصبحت ... كهف الغريب ومأمناً للسالك .
وحللتها يا مالكي فلأجل ذا ... قد أصبحت تدعى برحبة مالك .
فكتبت إليه الجواب عن ذلك : من الكامل .
جاءت سطورك والسرور قرين ... ولها من الحسن البديع فنون .
الله أكبر كم تلظت قبلها ... كبدي عليك وكم بكتك عيون .
ولكم سرورٌ غاب عن سري وكم ... وردت علي لأجل ذاك منون .
حتى أتت غراء يفضح حسنها ... ليلى ولكني بها المجنون .
يا حسنها من روضة همزاتها ... فوق السطور حمائمٌ وغصون .
أستغفر الله العظيم غلطت في ... تشبيهها بالروض وهو الدون .
أعذر فإني من بقايا دهشتي ... لما أتتني بغتةً مفتون .
بل ديمة الفضل التي كم قد سقت ... زهراً وكم منها استهل هتون .
وغلطت أيضاً بل هي البحر الذي ... ألفاظها در النهى المكنون .
وأنا أقيم أدلةً ترضى بها ... والصدق فيما أدعي مضمون .
من وزنها بحرٌ ومن ألفاظها ... دررٌ وقافية القصيدة نون .
ما هذه عندي بأول منةٍ ... ما أجرها لتمامها ممنون .
عندي لفضلك كل طولٍ سابغٍ ... وعلى مديحي في علاك ديون .
وكتبت في أثناء الجواب : من الكامل .
ولقد حللت ببلدةٍ حاشا لظىً ... وقبيح منظرها الشنيع الهالك .
وسعت لأنواع العذاب على الفتى ... فلذاك سموها برحبة مالك .
ولما كان بطرابلس عمل لغزاً في المئذنة فوقفت عليه وأنا بدمشق سنة خمس وثلاثين وسبعمائة وهو :