ثم إنه توالت عليه الأمراض فرسم السلطان له بالعود إلى دمشق فحضر إليها وهو مستمرٌ عند الأمير سيف الدين تنكز على تلك المحبة إلى أن وقع بينهما بسبب القصب الذي في قرية عمتنا وتخاصما في سوق الخيل ورجعا إلى دار السعادة وتحاكما .
ثم إنهم سعوا بينهما في المصالحة فقام تنكز وقام حسين فوضع يده على عنق تنكز وقبل رأسه فما حمل تنكز منه ذلك .
قال لي أمير حسين : والله ما تعمدت ذلك ولكنه كان خطأً كبيراً ؛ فكتب تنكز وطالع السلطان بأمره فشد الفخري قطلوبغا منه شداً كثيراً فما أفاد كلام تنكز ورسم السلطان للأمير شرف الدين بأن يكون مقامه بصفد وإقطاعه على حاله وجاء كتاب السلطان إليه : إنك أسأت الأدب على نائبنا وما كان يليق بك هذا . وحضر كتاب السلطان إلى نائب صفد بأن الأمير شرف الدين طرخان لا تجرده إلى يزك ولا تلزمه بخدمة إن شاء ركب وإن شاء نزل .
فأقام بصفد قريباً من سنتين ونصف ومن هناك كتبت له الدرج . ثم لما حضر الأمير سيف الدين الجاي الدوادار لإحضار الأمير علاء الدين الطنبغا من حلب ليتوجه إليها الأمير سيف الدين أرغون الدوادار نائباً كأنه قال للأمير سيف الدين تنكز لما جاء ذكر الأمير حسين : والله ما كان السلطان هان عليه أمره فحينئذ صح الصلح معه وسير إليه وهو بالغور ليلتقيه إلى القصير فاصطلحا هناك وخلع عليه ووعده بأنه إذا عاد من مصر أخذه معه إلى دمشق ففاوض السلطان في ذلك فما وافق على ذلك .
وطلب الأمير حسين إلى مصر فأخذه من الغور إلى دمشق وجهزه تنكز إلى مصر فتوجه إليهما على خيل البريد وكنت معه فوصل إليها وأنعم عليه بخبز الأمير بهاء الدين أصلم السلاحدار فأقام عليه إلى أوائل سنة ثمان وعشرين فتوفي C بالقاهرة ودفن بجوار جامعه الذي عمره في حكر جوهر النوبي بالقاهرة وحنا السلطان عليه حنواً كبيراً إلى الغاية وأعطى الإقطاعات في الحلقة لمماليكه ورتب لهم الرواتب وأمر بعض أقاربه ورتب الرواتب لبناته وزوجاته وأقاربه ولم يتم هذا لغيره .
وهو الذي عمر القنطرة على الخليج وإلى جانبها الجامع الذي له ولما فرغ أحضر إليه المشد والكاتب حشاب ذلك وقالا : هذا حساب هذه العمارة فرمى به في الخليج وقال : أنا خرجت عن هذا لله تعالى فإن خنتما فعليكما وإن وفيتما فلكما .
يقال إنه غرم على ذلك فوق المائتي ألف درهم . وكان C شحيحاً على الدرهم والدينار من يده وأما من خلفه فما كان يقف في شيء . وكان الفرس والقباء عنده هينٌ يطلق ذلك كثيراً .
وكان خفيف الروح دائم البشر لطيف العبارة وكانت في عبارته عجمة لكنه إذا قال الحكاية أو ندب أو ندر . يظهر لكلامه حلاوة في القلب والسمع .
قال لي الشيخ فتح الدين : نحن إذا حكينا ما يقوله ما يكون لذلك حلاوته من فيه . وكان ظريفاً إلى الغاية وهو الذي عمر الجامع الأبيض بالرملة وعمر تلك المنارة العجيبة . راح عليها مبلغ ثلاثين ألف درهم وكان فيه الخير والصدقة ولكنه كان يستحيل في الآخر .
ولم يخلف إلا ابنتين C تعالى . وكان يجلس في الميمنة فلما حضر تمرتاش جلس مكانه وكان هو يجلس في الميسرة وكان السلطان يحبه ويؤثره كثيراً ولم يخلص من مخاليب تنكز أحدٌمن الأمراء غيره .
؟ أبو عمار المروزي الحسين بن حريث بن الحسن بن ثابت بن قطبة أبو عمار المروزي .
روى عنه الجماعة إلا ابن ماجة . وثقه النسائي . وقال أبو بكر بن خزيمة : رأيته في المنام بعد وفاته على منبر رسول الله A وعليه ثيابٌ بيض وعمامة خضراء وهو يقرأ : " أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون " فأجابه مجيبٌ من موضع القبر : حقاً قلت يا زين أركان الجنة .
وتوفي بقرميسين منصرفاً من الحج سنة أربع وأربعين ومائتين .
؟ الحسين بن الحسن أبو عبد اله الحليمي الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم الفقيه الشافعي المعروف بالحليمي الجرجاني - بفتح الحاء المهملة وبعد الاام ياء آخر الحروف ساكنة وبعدها ميم