وصفراء قبل المزج بيضاء بعده ... كأن شعاع الشمس يلقاك دونها .
ترى العين تستعفيك من لمعانها ... وتحسر حتى ما تقل جفونها .
كأنا حلولٌ بين أكناف روضةٍ ... إذا ما سلبناها مع الليل طينها .
كأن يواقيتاً رواكد حولها ... وزرق سنانيرٍ تدير عيونها .
ومنه : من المديد .
أيها المنتاب عن عفره ... لست من ليلى ولا سمره .
لا أذود الطير عن شجرٍ ... قد بلوت المر من ثمره .
ومنه : من الطويل .
ودار ندامى عطلوها وأدلجوا ... بها أثرٌ منهم جديدٌ ودارس .
مساحب من جر الزقاق على الثرى ... وأضغاث ريحان جنيٌّ ويابس .
أقمنا بها يوماً ويوماً وثالثاً ... ويوماً له يوم الترحل خامس .
تدور علينا الراح في عسجديةٍ ... حبتها بأنواع التصاوير فارس .
قرارتها كسرى وفي جنباتها ... مهاً تدريها بالقسي الفوارس .
فللراح ما زرت عليه جيوبها ... وللماء ما دارت عليه القلانس .
قلت : هذه أبياتٌ سار لها ذكر وصار لها شكرٌ بين الأدباء أولعوا بها وبمعاني أبياتها .
قال الجاحظ : نظرنا في شعر القدماء والمحدثين فوجدنا المعاني تقلب ووجدناها بعضاً يسترق من بعضٍ إلا قول عنترة في الذباب : من الكامل .
وخلا الذباب بها فليس ببارحٍ ... غرداً كفعل الشارب المترنم .
هزجا يحك ذراعه بذراعه ... قدح المكب على الزناد الأجذم .
وقول أبي نواس في الكأس المصورة : قرارتها كسرى . . . الأبيات .
قلت : قد ذكرت هذه الأبيات وأبيات عنترة في كتابي : نصرة الثائر على المثل السائر . وبسطت الكلام على ذلك وذكرت ما ورد للشعراء في ذلك من النظائر وذكرت هنا ما كتبه أبو الحسين الجزار في يوم نوروز : من الطويل .
كتبت بها في يوم لهوٍ وهامتي ... تمارس من أهواله ما تمارس .
وعندي رجالٌ للمجون ترجلت ... عمائمهم عن هامهم والطيالس .
فللراح ما زرت عليه جيوبها ... وللماء ما دارت عليه القلانس .
مساحب من جر الزقاق على القفا ... وأضغاث أنطاع جنيٌّ ويابس .
لم أر لأحد مثل هذا التضمين ولا هذا الاهتدام كيف نقل وصف الكأس المصورة إلى وصف الذين يتصافعون يوم النوروز .
ومن شعر أبي نواس وفيه دلالة على أنه كان يعرف علم المنطق : من الطويل .
أباح العراقي النبيذ وشربه ... وقال حرامان المدامة والسكر .
وقال الحجازي الشرابان واحدٌ ... فحلت لنا من بين قوليهما الخمر .
وقد امتحنت بهما جماعةً فما رأيت من يعرف معناهما وهو شكلٌ من أشكال المنطق .
؟ ؟ ابن الدوامي .
الحسن بن هبة الله بن الحسن بن علي بن الدوامي أبو علي بن أبي المعالي أحد الأعيان الأماثل من أولاد الرؤساء .
تولى حجبة الحجاب ببغداد وارتفعت منزلته ورتب صدراً بالمخزن ورد إليه النظر في أعماله وأضيف إليه الوكالة للإمام الناصر ولم يزل على ذلك على أحسن طريقة إلى أن عزل عن الوكالة والنظر ولزم بيته إلى أن توفي سنة ست عشرة وستمائة .
وكان صدراً نبيلاً مهيباً غزير الفضل محباً لأهل العلم وداره مجمع الأفاضل وكان يتشيع وسمع الحديث بإفادة عمه من أبي الفضل الأرموي .
قال محب الدين بن النجار : كتبت عنه .
ومن شعره : من البسيط .
كم لي أرقع ثوب العمر مجتهداً ... ولا يجد سوى الخلاق من خلق .
لم تترك السن من نفسي سوى رمقٍ ... قليل لبثٍ ومن شمسي سوى شفق .
يفرق الموت منا كل مجتمعٍ ... ويجمع الحشر منا كل مفترق .
ابن الوزير فخر الدولة .
الحسن بن هبة الله بن محمد بن علي بن المطلب أبو المظفر بن الوزير أبي المعالي فخر الدولة . كان من الصدور الأعيان ووالده وزير المستظهر