وكان عظيماً لو نجوا غير أنهم ... رأوا حسن ما أبقوا من الذكر أعظما .
وقد طول ابن رشيق ترجمته في الأنموذج وأورد له شعراً كثيراً وتكلم على معانيه وبديعه .
أبو طالب الدلائي المغربي .
الحسن بن محمد بن هيثمون أبو طالب الدلائي الجهني .
قال ابن رشيق في الأنموذج : كان شيخاً ظريفاً ذا رقة مفرطة ولطافة بينه وافتتان أدركته وقد أسن وكان مشهوراً بالمحبة والكلام عليها والوفاء فيها موصوفاً بالصيانة والعفة منسوباً إلى طلب العلم وصحبة الشيوخ الجلة من أهله كالغساني وأبي الحسن الدباغ وأبي محمد التبان موسوماً بكل خير إلى أن صنع أبياتاً كان لها سببٌ أوجبها وهي : من الخفيف .
اجعل العلم يا فتى لك قيدا ... واتق الله لا تخنه رويدا .
لا تكن مثل معشرٍ فقهاءٍ ... جعلوا العلم للدراهم صيدا .
طلبوه فصيروه معاشا ... ثم كادوا به البرية كيدا .
فلهذا صب البلاء علينا ... مستحقاً ومادت الأرض ميدا .
فدخل في عداوة الفقهاء وعزل عن إمامة المسجد ولزم داره .
قال : وحكى لي عنه غير واحد أنه فقد من أحبته نيفاً وأربعين غريقاً في البحر فصار شعره كله رثاء ؛ تفجعاً عليهم ووفاءً لهم ولم أر له تغزلاً إلا بيتاً واحداً وهو : من الوافر .
ولي عينان دمعهما عزيزٌ ... ونومهما أقل من الوفاء .
وبيتين من قصيدة وهما : من الطويل .
ولو أنني أنصفت شوقي إليكم ... لأنضيت بزل العيس بالذملان .
ولو أنني أسطيع شوقاً لزرتكم ... على الرأس إن لم تسعد القدمان .
أبو القاسم بن حبيب .
الحسن بن محمد بن حبيب أبو القاسم الواعظ المفسر .
قال ياقوت : ذكره عبد الغافر . فقال : إمام عصره في معاني القراءات وعلومها .
وقد صنف التفسير المشهور به وكان أديباً نحوياً عارفاً بالمغازي والقصص والسير . مات في ذي القعدة سنة ست وأربعمائة . وصنف في القراءات والأدب وعقلاء المجانين .
وكان يدرس لأهل التحقيق ويعظ العوام وانتشر عنه بنيسابور العلم الكثير وسارت تصانيفه في الآفاق .
حدث عن الأصم وعبد الله ابن الصفار وأبي الحسن الكارزي . وكان أبو إسحاق الثعلبي من خواص تلاميذه . وكان كرامي المذهب ثم تحول شافعياً .
وكان في داره بستانٌ وبئر وكان إذا قصده إنسان من الغرباء إن كان ذا ثروة طمع في ماله وأخذ منه حتى يقرئه وإن كان فقيراً أمره بنزع الماء من البئر للبستان بقدر طاقته . وكان لا يفعل هذا بأهل بلده .
ومن شعره : من الطويل .
بمن يستغيث العبد إلا بربه ... ومن للفتى عند الشدائد والكرب .
ومن مالك الدنيا ومالك أهلها ... ومن كاشف البلوى على البعد والقرب .
ومن يدفع الغماء وقت نزولها ... وهل ذاك إلا من فعالك يا ربي .
ومنه : من الكامل .
ومصائب الأيام إن عاديتها ... بالصبر رد عليك وهي مواهب .
لم يدج ليل العسر قط بغمة ... إلا بدا لليسر فيه كواكب .
الصغاني .
الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر بن علي الصغاني رضي الدين العلامة أبو الفضائل القرشي العدوي العمري المحدث الفقيه الحنفي اللغوي النحوي . وصاغان من بلاد ما وراء النهر .
قال ياقوت : قدم العراق وحج ثم دخل اليمن ونفق له بها سوقٌ . وله تصانيف في الأدب منها : تكملة العزيزي وكتاب في التصريف ومناسك في الحج ختمه بأبيات قالها وهي : من البسيط .
شوقي إلى الكعبة الغراء قد زادا ... فاستحمل القلص الوخادة الزادا .
أراقك الحنظل العامي منتجعاً ... وغيرك انتجع السعدان والرادا .
أتعبت سرحك حتى آض عن كثبٍ ... نياقها رزحاً والصعب منقادا .
فاقطع علائق ما ترجوه من نشبٍ ... واستودع الله أموالاً وأولادا .
قلت : شعر نازل .
وكان يقرأ عليه بعدن : معالم السنن للخطابي وكان معجباً به وبكلام مصنفه ؛ ويقول : إن الخطابي جمع لهذا الكتاب جارميزه .
وقال لأصحابه : " احفظوا غريب أبي عبيد القاسم بن سلام فمن حفظه ملك ألف دينار فإني حفظته فملكتها وأشرت على بعض أصحابي بحفظه فحفظه فملكها "