وكان ينبز بالعلم قاع . وكان علم الدين الشاتاني المذكور يستشيط غيظاً من كلمة فيها الفقاع فعمل العماد الكاتب أبياتاً لا يخلو كل بيت منها من هذه اللفظة وكانت تنشد قدامه وهو يغضب . وعتب على العماد وتهاجرا مدة ثم استعطفه العماد بقصيدةٍ فأجابه عنها واصطلحا .
ومن شعر علم الدين الشاتاني : من الطويل .
خليلي كفا عن ملامي وعرجا ... فأنفاس نجدٍ نشرها قد تأرجا .
وقولا لمن قد ضل عن قصد حبه ... وصلنا إلى وصل الأحبة منهجا .
وحطا بأكناف الحمى فقد انتهى ... مسير مطايا قد أضر بها الوجى .
فقد لاح ضوء الصبح بعد كمونه ... ومزق ثوباً لفقته يد الدجى .
وحاكت يد الأنواء للأرض حلةً ... تقدرها الأبصار ثوباً ممرجا .
وغرد في الأيك الهزار مطرباً ... وهيجه نوح الحمام فهزجا .
ابن المحدث الكاتب .
الحسن بن علي بن محمد بن عدنان بن شجاع الحمداني بدر الدين ابن المحدث المجود الكاتب .
كان فاضلاً ينظم وينثر وله كتاب بربى باب الجابية بدمشق . وكان يكتب العصر في المدرسة الأمينية كتب عليه جماعة وكتب هو على الشيخ نجم الدين بن البصيص .
كان الملك الأوحد له معه صحبة فتحدث له مع الأفرم أن يدخل في ديوان الإنشاء بدمشق فرسم له بذلك فأبى فلامه الملك الأوحد على ترك ذلك فقال : أنا إذا دخلت بين الموقعين ما يرتب لي أكثر من خمسة دراهم في كل يوم وما يجلسونني فوق بني فضل الله ولا فوق بني القلانسي ولا فوق بني غانم فم يجلسونني إلا دونهم ولو تكلمت قالوا : أبصر المصفعة واحد كان فقيه كتاب قال : يريد يقعد فوق السادة من الموقعين وإذا جاءت سفرة ما يخرجون غيري فإن تكلمت قال أبصر المصفعة قال : يحتشم على السفر في ركاب ملك الأمراء وهذا أنا كل يوم يحصل لي من التكتيب الثلاثون درهماً والأكثر والأقل وأنا كبير هذه الصناعة وأحكم في أولاد الرؤساء والمحتشمين .
ونظم في ذلك : من الخفيف .
لائمي في صناعتي مستخفاً ... بي إذ كنت للعلا مستحقا .
ما غزالٌ يقبل الكف مني ... بعد بري ولم يضع لي حقاً .
مثل تيسٍ أبوس منه يداً ... قد صغرت من ندىً لأسأل رزقا .
فيولي عني ويلوي عن رد ... سلامي ويزدريني حقا .
فاقتصد واقتصر عليها فما عن ... د إله السماء خيرٌ وأبقى .
وقال أيضاً : من الطويل .
غدوت بتعليم الصغار مؤجرا ... وحولي من الغلمان ذو الأصل والفصل .
يقبل كفي منهم كل ساعة ... ويعطونني شيئاً أعم به أهلي .
وذاك بأن أسعى إلى باب جاهل ... أقبل كفيه أحي إلى مثلي .
أميرٌ إذا ميزت لكن بلا حجىً ... وكم قد رأينا من أمير بلا عقل .
قلت : هذا نظم عجيب التركيب .
وقال في فرحة : من السريع .
ما فرحتي إلا إذا واصلت ... فرحة بين الكس والكاس .
لا أن أراها وهي في مجلس ... ما بين طباخٍ وعداس .
وكان قد أنشدني شيئاً من شعره وكتب إلي أبياتاً لامية ملزومة فأجبته عنها في وزنها ورويها والتزمت الميم قبل اللام ولم أجد أبياته لعدمها عند تعليق هذه الترجمة فما أثبتها ولا أبياتي إذ لا فائدة في ذلك .
وكنت وقفت له على قصيدة بخطه نونية أولها : من الطويل .
نعم هذه نجدٌ وهاتيك نعمان ... فمل إن قلبي للصبابة أوطان .
وفي القصيدة جدولان مكتوبان بالحمرة من كل بيت كلمتان الأولى من النصف الأول والثانية من النصف الثاني ومجموع الجدول الأول : قوله تعالى : " إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر " - الآية .
ومن شعره أيضاً : من الطويل .
وقد عنفوني في هواه بقولهم ... ستطلع منه الذقن فاقصر عن الحزن .
فقلت لهم كفوا فإني واقعٌ ... وحقكم بالوجد فيه إلى الذقن .
وله يعارض القصيدة الهيئية : من الهزج .
عن الغي إلى الرشد ... عدلت الآن عن قصدي .
وميلت وجوه الهز ... ل عن عمدٍ إلى الجد