الحسن بن علي الكاتب المعروف بابن زنجي .
قال ابن رشيق في الأنموذج : من بيت كتابة ورياسة وعلم وكان شاعراً بارعاً ينعت في صنعته ويجيدها قليل الاختراع والتوليد حسن الابتداءات وثاباً في أكثر شعره .
صنع في قتلة الرافضة قصيدةً قدمها شيخنا أبو عبد الله على جميع ما صنع الناس كلهم وكل قصيدة فيهم أخذ منها وترك إلا هذه فإنها اختيرت بأجمعها وهي : من الطويل .
شفى الغيظ في طي الضمير المكتم ... دماء كلاب حللت في المحرم .
فلا أرقأ الله الدموع التي جرت ... أسىً وجوىً فيما أريق من الدم .
هي المنة العظمى التي جل قدرها ... وسار بها الركبان في كل موسم .
فيا سمراً أمسى علالة منجدٍ ... ويا خبراً أضحى فكاهة متهم .
ويا نعمةً بالقيروان تباشرت ... بها حصبٌ حول الحطيم وزمزم .
وأهدت إلى قبر النبي وصحبه ... سلاماً كعرف المسك من كل مسلم .
غزونا أعادي الدين لا الرمح ينثني ... نبواً ولا حد الحسام المصمم .
بكل فتىً شهم الفؤاد كأنما ... تسربل يوم الروع جلدة شيهم .
إذا أم لم يسدد عرى متخوفٍ ... وإن هم لم يحلل حبا متندم .
منها : من الطويل .
وكنا نظن الكفر في جاهليةٍ ... فتعساً لكل جاهليٍّ مخضرم .
يقولون مولاهم عليٌّ وإنهم ... لأعظم بغضاً فيه من آل ملجم .
سببتم عتيقاً والإمامين بعده ... فلم تعنفوا يوم الحريق المضرم .
وسؤتم نبي الله في خير أهله ... وأفضل بكرٍ في النساء وأيم .
فكم عاثرٍ منكم إذا صافح الثرى ... من الذعر قلنا لليدين وللفم .
فلا نفقٌ في الأرض أخفى مكانكم ... ولا شاهقٌ يرقى إليه بسلم .
لقد رفضتكم كل أرض وبقعةٍ ... وقد صرخت منكم بقاع جهنم .
فذوقوا كما ذقناه أيام كفركم ... من الغيظ في أكبادنا والتألم .
قال ابن رشيق : هذا البيت تطفل فيه على طفيل الغنوي وافتقر إليه لأنه قال : .
فذوقوا كما ذقنا غداة محجرٍ ... من الغيظ في أكبادنا والتحوب .
قال : ومن جيد ما سمعت له في الرثاء قوله في الشيخ أبي علي بن خلدون : من الكامل .
لولا الحياء وأن أجيء بفعلةٍ ... ينضي علي بها سيوف ملام .
وأكون متبعاً لأشنع سنه ... قد سنها قبلي أبو تمام .
للبست لبس الثاكلات وكنت في ... سود الوجوه كأنني من حام .
أشار إلى ما صنعه أبو تمام يوم نعى محمد بن حميد ؛ لأنه غمس طرف ردائه في مدادٍ ثم ضرب به كتفيه وصدره ثم أنشد كلمته : من الطويل .
كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر ... فليس لعينٍ لم يفض ماؤها عذر .
وكانت وفاته بجزيرة صقلية سنة ست عشرة وأربعمائة وقد شارف الخمسين سنة .
الساسكوني .
الحسن بن علي بن حسن بن علي بن كثير بن علي العامري الساسكوني الشاعر . قال يمدح الظاهر غازياً : .
أروم هذا القلب برء جراحه ... وسيوف لحظك تنتضى لكفاحه .
يا مستبيح دم المتيم عامداً ... أنسيت يوم البعث حمل جناحه .
نظري الذي في الحب قد أفسدته ... إفساده في الحب عين صلاحه .
حتام تطرف طرف عيني بالبكا ... وإلام طرفي مولع بطماحه .
يا ويح مودع سره في جفنه ... فلقد أراد الستر من فضاحه .
ليت الحبيب غداة أثمر خده ... لم يحم عن عيني جنى تفاحه .
يا لائم المشتاق يبغي نصحه ... مره بهم لتكون من نصاحه .
أو فانظر الرشأ الذي خلخاله ... لو شاء صيره مكان وشاحه .
يفتر عن شبمٍ تلألأ نوره ... كالروض لاح لديك نور أقاحه .
ويدير ناظره فيسكرنا فقل ... رشأٌ ينوب بعينه عن راحه .
منها في المديح : من الكامل .
ملكٌ إذا رتج العدا أبوابهم ... كانت مفاتحها رءوس رماحه