وطلَّقها الحارث فخلف عليها روح بن زنباع وسيأتي في ترجمة روح بن زنباع ما جرى لهما معه أيضاً . ولما بلغ عبد الملك بن مروان قول حميدة قال : لو لا أنها قدَّمت الكهول على الشبَّان لعاقبتها .
قاضي مصر .
الحارث بن مسكين بن محمد بن يوسف المصري رأى الليث بن سعدٍ وسأله وسمع سفيان بن عيينة وعبد الله بن وهب وعبد الرحمن بن القاسم . روى عنه خلق من المصريّين والنسائي وعبد الله بن أحمد بن حنبل . وكان فقيهاً على مذهب مالك بن أنس وكان ثقة في الحديث ثبتاً حمله المأمون إلى بغداد ليقول بخلق القرآن فلم يجب وولي قضاء مصر . ولد سنة أربع وخمسين ومات سنة خمسين ومئتين . قال ابن معين : لا بأس به . وأقام في سجن المحنة ببغداد . ولما ولي المتوكل أطلقه فرجع إلى مصر . وكان رجل مسرفٌ على نفسه فمات فرؤى في النوم فقال : إن الله غفر لي بحضور الحارث بن مسكين جنازتي وإنه استشفع لي فشفَّع فيّ .
المحاسبي الصوفي .
الحارث بن أسد المحاسبي البغدادي الصوفي الزاهد العارف صاحب المصنّفات في أحوال القوم . كان أبوه واقفياً أي يقف في القرآن فلا يقول هو مخلوق ولا غير مخلوق . ومات وخلّف مالاً كثيراً فلم يتناول الحارث منه شيئاً وقال : أهل مّتين لا يتوارثون . وكان كبير القدر غالي المثل . توفي سنة ثلاث وأربعين ومئتين . ويحكى عن المحاسبي أنه كان إذ مدّ يده إلى طعام فيه شبهة تحرّك على أصبعه عرق فكان يمتنع منه .
الدَّوسي .
الحارث بن الطفيل بن عمرو بن عبد الله بن مالك شاعر فارس من مخضرمي الجاهلية والإسلام وأبوه الطفيل شاعر وهو أول من وفد من دوس على النبي A . وسيأتي ذكر الطفيل في حرف الطاء مكانه إن شاء الله تعالى . ومن شعر الحارث : من السريع .
يا دار من ماويّ بالسَّهب ... بنيت على خطب من الخطب .
إذ لا ترى إلاّ مقاتلةً ... وعجانساً يرقلن بالرَّكب .
ومدجَّجاً يسعى بشكَّته ... محمرَّةً عيناه كالكلب .
ومعاشراً صدأ الحديد بهم ... عبق الهناء مخاطم الجرب .
لما سمعت نزال قد دعيت ... أيقنت أنهم بنو كعب .
كعب بن عمرو لا ككعب بني العنقاء والتّبيان في النسب .
فرميت كبش القوم معتمداً ... فمضى وراشوه بذي لغب .
شكُّوا بخصويه القداح كما ... ناط المعرّض أقدح القضب .
فكأن مهري ظلَّ مقتسماً ... بشبا الأسنة مغرة الجدب .
بل ربَّ مرفوع وضعت ومو ... ضوعٍ رفعت بمنزل اللّصب .
وخليل غانية هتكت قرارها ... تحت الوغى بشديدة العضب .
كانت على حبِّ الحياة فقد ... جللتها في منزل غرب .
جانيك من يجني عليك وقد ... تعدي الصحاح مبارك الجرب .
الحضرمي .
الحارث بن يزيد الخصومي نزيل برقة . كان يصلي كلَّ يوم ستمائة ركعة .
روى عن جبير بن نضير وعبد الرحمن بن حجيرة وثّقه أبو حاتم وتوفي سنة ثلاثين ومئة . وروى له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
ابن يعقوب العابد .
الحارث بن يعقوب مصريّ نبيل القدر . روى عن أبي الحباب سعيد بن يسار وعبد الرحمن بن شماسة . كان العبّاد إذا انصرف من العشاء الآخرة دخل بيته فيصلّي ركعتين ويجاء بعشائه فيقول : أصلي ركعتين فلا يزال يصلي ركعتين حتى يصبح فيكون عشاؤه سحوره . وتوفي سنة ثلاثين ومئة . وروى له مسلم والترمذيّ والنسائي .
الجرشيّ الدمشقي .
الحارث بن عبد الرحمن بن الغاز بن ربيعة الجرشيّ من وجوه أهل دمشق وفصحائهم . وكان قد سوِّد بالغوطة قبل وصول مروان إلى مصر وكتبوا إليه بولاية دمشق . وكان بداريّا يأتيه الأشراف يسلمون عليه إلى أن أقبل عبد الله بن علي فنزل دمشق وقدم الحارث وافداً على المنصور مستعطفاً لأهل الشام فقام وقال : أصلح الله أمير المؤمنين إنا لسنا وفد مباهاة ولكنا وفد توبة وقد ابتلينا بفتنة استفزّت كريمنا واستخفت حليمنا فنحن بما قدّمنا معترفون ومما سلف منّا معتذرون فإن تعاقبنا فيما أجرمنا وإن تعف عنّا بفضلك علينا فاصفح عنّا إذا ملكت وآمنن إذا قدرت وأحسن فطالما أحسنت فقال المنصور : قد فعلت .
أبو القاسم الورّاق