الحارث بن علي أبو القاسم الورّاق البغدادي . كان من رؤساء المعتزلة في زمانه وله مصنفاتٌ جيدة وردودٌ على ابن الرِّيوندي . وله مع أبي علي الجبّائي مناظراتٌ . وكن ورّاقاً يبيع الكتب ويورِّق للناس . وقد روى عنه أبو علي الكوكبيّ الأخباري وذكره البلخي في كتاب المحاسن فقال : كان من أهل الدين والورع والتقى قليل النظير في زمانه .
الحافظ ابن أبي أسامة .
الحارث بن محمد بن أبي أسامة داهر المحدّث أبو محمد التميمي البغدادي مسند بغداد في وقته . ولد سنة ست وثمانين ومئة وسمع عبد الوهاب بن عطاء ويزيد بن هارون وخلقاً كثيراً وروى عنه أبو جعفر الطبري وغيره . قال الدارقطني : صدوق . وذكره ابن حبّان في الثقات . وله مسند كبير . توفي يوم عرفة سنة اثنتين وثمانين ومئتين .
الإباضي .
الحارث الإباضيّ . افترقت الإباضيّة وهم منسوبون إلى عبد الرحمن بن إباضٍ الآتي ذكره إن شاء الله تعالى في حرف العين إلى ثلاث فرق حفصية وحارثية وبريديّة . فأمّا الحفصية فيأتي ذكرهم . وأما البريدية فقد مرّ ذكرهم وأما الحارثية المسوبون إلى هذا فإنهم خالفوا الإباضيّة في قولهم بالقدر على مذهب المعتزلة في إثبات طاعةٍ لا يراد بها وجه الله تعالى .
أبو فراس بن حمدان .
الحارث بن أبي العلاء سعيد بن حمدان بن حمدون الحمداني الأمير أبو فراس ابن عم ناصر الدولة وسيف الدولة . قال الثعالبي : كان فرد دهره وشمس عصره أدباً وفضلاً وكرماً ومجداً وبلاغة وبراعةً وفروسية وشجاعة وشعره مشهور سيّار بين الحسن والجودة والسهولة والجزالة والعذوبة والفخامة والحلاوة ومعه رواء الطّبع وسمة الظّرف وعزّة الملك . ولم تجتمع هذه الخلال قبله إلاّ في شعر عبد الله بن المعتز . وأبو فراس يعدّ أشعر منه عند أهل الصنعة بنقد الكلام . وكان الصاحب ابن عباد يقول : بدىء الشعر بملك وختم بملك يعني أمرأ القيس وأبا فراس .
وكان المتنبي يشهد له بالتقدم والتبريز ويتحامى جانبه فلا ينبري لمباراته ولا يجترىء على مجاراته وإنما لم يمدحه ومدح من دونه من آل حمدان تهيباً له وإجلالاً له لا إغفالاً ولا إخلالاً .
وكان أبو فراس يعجب جداً بمحاسن أبي فراس ويميزّه بالإكرام على سائر قومه ويستصحبه في غزواته ويستخلفه في أعماله .
وكانت الروم قد أسرته في بعض وقائعها وهو جريح قد أصابه نصلٌ في فخذه ونقلته إلى خرشنة ثم منها إلى القسطنطينية في سنة ثمان وأربعين وثلاثمئة وقداه سيف الدولة سنة خمس وخسمين .
قال القاضي شمس الدين أحمد بن خلكان C تعالى : هكذا قال أبو الحسن علي بن الزّراد الدَّيلمي وقد نسبوه في ذلك إلى الغلط وقالوا : أسر أبو فراس مرّتين فالمرة الأولى بمغارة الكحل سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة وما تعدَّوا به خرشنة يقال إنه ركب فرسه وركضه برجله فأهوى به من أعلى الحصن إلى الفرات . والمرة الثانية أسرته الروم على منبج في شوال سنة إحدى وخمسين وحملوه إلى القسطنطينية وأقام في الأسر أربع سنين وله في أسره أشعار كثيرة مثبتةٌ في ديوانه وكانت منبج إقطاعه .
وقال ثابت بن سنان الصّابي في تاريخه قال : في يوم السبت لليلتين خلتا من جمادى الأولى سنة سبع وخمسين وثلاثمئة جرت حرب بين أبي فراس وكان مقيماً بحمص وبين أبي المعالي بن سيف الدولة . واستظهر عليه أبو المعالي فقتله في الحرب وأخذ رأسه وبقيت جثته مطروحة في البريّة إلى أن جاء بعض الأعراب وكفّنه ودفنه .
وقال غيره : كان أبو فراس خال أبي المعالي فلما بلغت وفاته أم أبي المعالي لطمت وجهها وقلعت عينها . وكان مولده سنة عشرين وثلاثمئة فعاش سبعاً وثلاثين سنة . وقال ابن خلكان : رأيت في ديوانه أنّه لما حضرته الوفاة كان ينشد ابنته مخاطباً لها : من مجزوء الكامل .
نوحي عليَّ بحسرةٍ ... من خلف سترك والحجاب .
قولي إذا كلَّمتني ... فعييت عن ردِّ الجواب .
زين الشّباب أبو فرا ... سٍ لم يمتَّع بالشباب .
وهذا يدل على أنه لم يقتل أو يكون قد جرح وتأخر موته ثم مات من الجراحة .
ومن شعره : من الكامل .
المرء نصب مصائب لا تنقضي ... حتى يوارى جسمه في رمسه .
فمؤجَّلٌ يلقى الرَّدى في غيره ... ومعجَّل يلقى الردى في نفسه .
ومنه : من الطويل