بكتمر الأمير سيف الدين بكتمر الساقي ؛ كان أولاً من مماليك الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير ثم انتقل السلطان الملك الناصر وجعله ساقياً وكان غريباً في بيت السلطان لأنه لم يكن له خشداشية وكان هو وحده وسائر الخاصكية حزباً عليه وعظمت مكانته عند السلطان وزادت محبته له . ولما مات طغاي الكبير كان تنكز نائب الشام منتمياً إليه فقال السلطان لتنكز : خل بكتمر يكون أخاك عوض طغاي وكن أكتب إليه بما تريد . ثم إنه زوج ابنته بابن بكتمر وعظم شأن بكتمر في مملكة السلطان وصار هو الدولة فكان يقال : إن السلطان وبكتمر لا يفترقان : إما أن يكون بكتمر عند السلطان وإما أن يكون السلطان في بيت بكتمر ولا يأكل إلا في بيت بكتمر مما تطبخه له أم أحمد بن بكتمر في قدر فضة وينام عندهم ويقوم حتى كان الناس يظنون أن أحمد ابن السلطان مما يحبه ويبوسه ويحمله . وكان أحمد بن بكتمر قد عظم ذكره عند الناس وتسامعوا به فإذا أهدى الناس إلى السلطان شيئاً أو قدموه كان مثله لبكتمر والذي يجيء للسلطان يكون غالبه لبكتمر فعظمت أمواله . وكان في اسطبله مائة سطل نحاساً لمائة سائس كل سائس ستة أرؤس غير ماله في الجشارات ومع ذلك فلم يكن له حماية ولا رعاية ولا لغلمانه ذكر باب اسطبله يغلق من المغرب وما لأحد به حس . وعمر تلك الحارة التي على بركة الفيل وكان قد استخدم فيها نور الدين الفيومي وكان صاحبي فقلت : كم نفقة العمارة كل يوم ؟ قال : مبلغ ألف وخمس مائة درهم مع جاه العمل لأن العجل من عند السلطان والحجارين والفعول من المحابيس . ؟ فقلت له : فكم يكون مقدار ذلك لو لم يكن جاه العمل ؟ فقال لي : على القليل كل يوم ثلاثة آلاف درهم . وأقاموا يعمرون فيها مدة عشرة أشهر وخرجت أنا من القاهرة وهم يعملون في الجرش ولم يكونوا وصلوا إلى الرخام ولا اللازورد ولا الذهب ولا عرق اللؤلؤ