اتفق العلماء على أنه أشعر ثقيف . كان قد نظر في الكتب ولبس المسوح تعبداً وشك في الأوثان والتمس الدين وطمع في النبوية . فلما ظهر النبي A قيل له : هذا الذي كنت تستريب وتقول فيه . فحسده عدو الله وقال : إنما كنت أرجو أن أكونه ! .
فأنزل الله تعالى فيه " واتْلُ عَليهم نَبَأ الذي آتَيناهُ آياتِنا فانْسَلَخَ منها " . وكان يحرض قريشاً بعد وقعة بدر ورثى قتلى بدر بقصيدة منها من الكامل : .
ماذا ببدر والعَقَنْ ... قَل من مرازبةٍ جحاجحْ .
ونهى النبي A أن تروى .
عن الزهري قال : خرج أمية في نفر فنزلوا فأم أمية وجهاً وصعد في كثيب فرفعت له كنيسة فانتهى إليها فإذا شيخ جالس فقال لأمية حين رآه : إنك لمتبوع فمن أين يأتيك ؟ قال : من شقي الأيسر . قال : فأي الثياب أحب إليك أن يلقاك فيها ؟ قال : السواد . قال : كدت والله أن تكون نبي العرب ولست به وهذا خاطر من الجن وليس بملك وإن نبي العرب صلى الله عليه صاحب هذا الأمر يأتيه من شقه الأيمن وأحب الثياب إليه أن يلقاه فيها البياض .
عن عند الرحمن بن أبي حماد قال : كان أمية جالساً فمرت به غنم فثغت منها شاة فقال للقوم : هل تدورن ما قالت الشاة ؟ قالوا : لا . قال : إنها قالت لسخلتها : مري لا يأكلك الذئب كما أكل أختك عام أول في هذا الموضع فقام بعض القوم إلى الراعي فاستخبره . فكان الأمر كما قال .
عن ابن الأعرابي قال : خرج ركب من ثقيف إلى الشام وفيهم أمية فلما قفلوا راجعين نزلوا منزلاً إذ أقبلت عظاية حتى دنت منهم فحصبها بعضهم بشيء في وجهها فرجعت وكفتوا سفرتهم ثم قاموا يرحلون ممسين فطلعت عجوز وراء كثيب مقابل لهم تتوكأ على عصاً فقالت لهم : ما منعكم أن تطعموا رحيمة الجارية اليتيمة التي جاءتكم عتيمةً ؟ ! .
قالوا : وما أنتِ ؟ قالت : أنا أم العوام . أتيت منذ أعوام أما ورب العباد لتفترقن في البلاد ! .
ثم ضربت بعصاها الأرض ثم قالت : أطيلي إيابهم ونفري ركابهم ! .
فوثبت الإبل كأن على كل بعير شيطاناً لم يملك منها شيء حتى افترقت في الوادي فجمعوها من آخر النهار ومن غد . فلما أناخوها ليرحلوها طلعت العجوز فضربت بعصاها الأرض وقالت كقولها ففعلت الإبل كفعلها فلم تجمع إلى الغد عشيةً . فلما أناخوها ليرحلوها خرجت العجوز ففعلت كفعلها في اليومين ونفرت الإبل . فقالوا لأمية : أين ما كنت تخبرنا به عن نفسك ؟ فقال : اذهبوا أنتم في طلب الإبل ودعوني ! .
فتوجه إلى الكثيب الذي كانت تأتي منه العجوز حتى علاه وهبط منه إلى وادٍ فإذا فيه كنيسة وقناديل وإذا رجل مضطجع معرض على بابها إذا رجل آخر جالس أبيض الرأس واللحية فلما رأى أمية قال : إنك لمتبوع فمن أين يأتيك صاحبك ؟ قال : من أذني اليسرى . قال : فبأي الثياب يأمرك ؟ قال : بالسواد . قال : هذا من الجن كدت أن تكونه إن صاحب النبوة صلى الله عليه يأتيه صاحبه من قبل أذنه اليمنى ويأمره بلبس البياض فما حاجتك ؟ فحدثه حديث العجوز . قال : صدقت هي امرأةٌ يهودية من الجن هلك زوجها منذ أعوام وإنها لن تزال تفعل ذلك بكم حتى تهككم إن استطاعت . قال أمية : وما الحيلة ؟ قال : اجمعوا ظهركم ! .
فإذا جاءتكم ففعلت كما كانت تفعل فقولوا لها : سبع من فوق سبع باسمك اللهم ! .
فلن تضركم . فرجع أمية إليهم وقد جمعوا الظهر فما أقبلت قال لها ما أمره الشيخ فلم تضرهم فلما رأت الإبل لم تتحرك قالت : قد عرفت صاحبكم ليبيض أعلاه وليسودن أسفله ! .
فأصبح أمية وقد برص في عذاره واسودّ أسفله . فلما قدموا مكة ذكروا لهم هذا الحديث فكان ذلك أول ما كتب أهل مكة في كتبهم باسمك اللهم .
عن ثابت بن الزبير قال : لما مرض المرض الذي مات فيه جعل يقول : قد دنا أجلي وهذه المرضة منيتي وأنا أعلم أن الحنيفية حق ولكن الشك تداخلني في محمد . فلما دنت وفاته أغمي عليه قليلاً ثم أفاق وهو يقول : لبيكما لبيكما ها أنذا لديكما لا مال لي يفديني ولا عشيرة تنجني ثم أغمي عليه بعد ساعة حتى ظن من حضره من أهله أنه قد قضى ثم أفاق وهو يقول : لبيكما لبيكما ها أنذا لديكما لا بريء فأعتذر ولا قوي فأنتصر . ثم إنه بقي يحدث من حضر ساعةً ثم أغمي عليه مثل المرتين حتى يئسوا منه فأفاق وهو يقول : لبيكما لبيكما ها أنذا لديكما من الرجز :