إن تغفرِ اللّهمّ تغفرْ جمّا ... وأيُّ عبدٍ لك لا ألمّا .
ثم قضى نحبه .
وقيل : إن أمية بينا هو يشرب مع إخوانٍ له في قصر بالطائف إذ سقط غراب على شرفة القصر فنعب نعبةً فقال : بفيك الكثكث ! .
وهو التراب . فقال له أصحابه : ما يقول ؟ قال : يقول : إنك إذا شربت الكأس التي بيدك مت فقلت : بفيك الكثكث ! .
ثم نعب أخرى . فقال أمية : بحق ذلك ! .
فقال أصحابه : ما يقول ؟ قال : زعم أنه يقع على هذه المزبلة فيستثير عظماً فيبلعه فيشجى به فيموت فقلت : بحق ذلك ! .
فوقع الغراب فأثار العظم وابتلعه فمات فانكسر أمية ووضع الكأس التي بيده وتغير لونه فقال له أصحابه : ما أكثر ما سمعنا مثل هذا منك باطلاً ! .
فألحوا عليه حتى شرب الكأس فمال في شق وأغمي عليه ثم أفاق فقال : لا بريء فأعتذر ولا قوي فأنتصر . ثم خرجت نفسه .
ومن شعره من الخفيف : .
كلّ عيشٍ وإن تطاول يوماً ... صائرٌ مرّةً إلى أن يزولا .
ليتني كنت قبلما قد بدا لي ... في قنان الجبال أرْعى الوعولا .
اجعلِ الموت نْصب عينك واحذرْ ... غَولةَ الدهر إنّ للدهر غولا .
ولما أنشد النبي A قول أمية من البسيط : .
الحمد الله ممُسانا ومُصْبَحَنا ... بالخير صَّبحنا ربِّي ومَسّانا .
ربِّ الحنيفة لم تنضبْ خواتمُها ... مملوءة طبّق الآفاقَ سلطانا .
ألا نبيّ لنا منّا يُخبِّرنا ... ما بعد غايتنا مِن راس مَحيانا .
بينا يربّيننا آباؤنا هلكوا ... وبينما نقتني الأولاد أفنانا .
وقد علمنْا لَوانّ العلمَ ينفعنا ... أنْ سوف يلحق أُخرانا لأولانا .
فقال النبي A : إن كاد أمية ليسلم ! .
وعتب على ابنٍ له فأنشأ يقول من الطويل : .
غذَوتُك مولوداً وعُلتك يافعاً ... تُعَلّ بما أجني عليك وتُنْهلُ .
إذا ليلةٌ نابتك بالشكو لم أبِتْ ... لشكْوك إلاّ ساهراً أتملْمَلُ .
كأنّي أنا المطروق دونك بالذي ... طُرقْتَ به دوني فعيناي تهملُ .
تخاف الردى نفسي عليك وإنّها ... لتعلم أنّ الموت وقتٌ مؤجَّلُ .
فلمّا بلغْتَ السنَّ والغاية التي ... إليها مدى ما كنتُ فيك أؤمِّلُ .
جعلتَ جزائي غِلْظةً وفظاظةً ... كأنّك أنت المنعِم المتفضّلُ .
فليتك إذ لم ترْعَ حقّ أبوّتي ... فعلتَ كما الجار المجاور يفعلُ .
ومات أمية بعد فتح حنين . كذا قال المرزباني في المعجم .
العمري .
أمية بن أبي عائذ العمري أحد بني عمرو بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل من شعراء الدولة الأموية وله في عبد الملك وعبد العزيز ابني مروان قصائد مشهورة . ووفد إلى مصر قاصداً عبد العزيز ومدحه بقصيدته التي أولها من المتقارب : .
ألا إنّ قلبي مع الظاعنينا ... حزين فمن ذا يعزّي الحزينا ؟ .
فيا لك من روعةٍ يوم بانوا ... بمن كنت أحسِب أن لا يبينا .
منه في المديح من المتقارب : .
تسير بمدْحَي عبد العزي ... زِ ركبان مكة والمُنجدونا .
محبَّرةً من صريح الكلا ... م ليس كما لَصَّق المُحدثونا .
وكان امرءاً سيّداً ماجداً ... يصفّي العتيق وينفي الهجينا .
وطال مقامه عند عبد العزيز وكان يأنس به ووصله صلاتٍ سنية . فتشوق إلى البادية وإلى أهله فقال لعبد العزيز من الطويل : .
متى راكبٌ من أهل مصرَ وأهله ... بمكة من مصرَ العشيّة راجعُ ؟ .
بلى إنّها قد تقطع الخرْق ضُمَّرٌ ... تبارى السُّرى والمعسفون الزعازعُ .
متى ما يحوزها ابن مروان تعترف ... بلادَ سليمى وهي خوصاء ظالعُ .
وباتت تؤمّ الدار من كل جانبٍ ... لتخرجَ فاستدَّت عليها المصارعُ .
فلمّا رأت أن لا خروج وإنّما ... لها مِن هواها ما تجنّ الأضالعُ .
تمطَّتْ بمجدولٍ سَبطرٍ وطالعت ... وماذا من اللوح اليماني تُطالِعُ