نزلنا دوحه فحنا علينا ... حنوّ المرضعات على الفطيم .
يراعي الشمس أنّى واجهتنا ... فيحجبها ويأذن للنسيم .
تروع حصاه حالية العذارى ... فتلمس جانب العقد النظيم .
وأورد له الخطيري في زينة الدهر قوله : .
ولي غلام طال في دقّةٍ ... كخطّ إقليدس لا عرض له .
وقد تناهى عقله خفّةً ... فصار كالنقطة لا جزء له .
قال قاضي القضاة شمس الدين ابن خلكان : ويوجد له بأيدي الناس مقاطيع وأما ديوانه فعزيز الوجود ؛ وبلغني أن القاضي الفاضل C وصّى بعض الأدباء السفار أن يحصل له ديوانه فسأل عنه في البلاد التي انتهى إليها فلم يقع له على خبر فكتب إلى الفاضل يخبره بعدم قدرته عليه . وفيه أبيات من جملتها عجز بيت وهو : .
وأقفر من شعر المنازي المنازل .
انتهى .
قلت : أما الأبيات الميمية فإنها شاعت وذاعت وضمّنها الشعراء أشياء لائقة يجيء كلّ شيء في ترجمة قائله . وأمّا البيتان الأخيران ففيهما عيب وهو الإيطاء لأن له تكررت معه في القافيتين . ومن شعره يرثي طفلاً له توفي : .
أطاقت يد الموت انتزاعك من يدي ... ولم يطق الموت انتزاعك من صدري .
لئن كنت ممحوّ المحاسن في الثرى ... فإنك محفوظ المحاسن في فكري .
فلا وصل إلا بين عينيّ والبكا ... ولا هجر إلا بين قلبي والصبر .
ومنه : .
نفى حتى الذباب الخضر عنها ... ذباب من حسامك ذو اخضرار .
وشردّ ضاريات الأسد عنها ... ثعالب في أسنتك الضواري .
ومنه : .
لحى الله من يستنصر ابن عدوّه ... سفاهاً ولا يستنصر ابن أبيه .
كفيلٍ من الشطرنج يحمي ويحتمي ... بقاطبة الشطرنج غير أخيه .
ومن شعر النازي أورده له أسامة بن منقذ في شعراء المحدثين : .
لقد عرض الحمام لنا بسجعٍ ... إذا أصغى له ركبٌ تلاحى .
صحا قلب الخلّي فقال غنّى ... وبرّح بالشجي فقال ناحا .
وكم للشوق في أحشاء صبٍ ... إذا اندملت أجدّ لها جراحا .
ضعيف الصبر فيك وإن تقاوى ... وسكران الفؤاد وإن تصاحى .
كذاك بنو الهوى سكرى صحاةٌ ... كأحداق المها مرضى صحاحا .
وأورد له أيضاً : .
أظاهر بالعتبى إذا أضمرت عتبا ... وأسأل غفراناً ولم أعرف الذنبا .
وأصدق ما نبئت أنّي بلوتها ... فما سالمت سلماً ولا حاربت حربا .
هي الشمس حالت دونها حجب خدرها ... ولو برزت كان الضياء لها حجبا .
إذا جهّزت ألحاظها قصد غافلٍ ... أغارت على قلبٍ أو استهلكت لبّا .
ألم يأن في حكم الهوى أن ترقّ لي ... من المدمع الريان والكبد اللّهبى .
ومن زفرةٍ حرّى إذا ما تقطّعت ... شعاعاً تدمّي الجفن أو تحرق الهدبا .
شجتني ذات الطوق عجماء لم تبن ... وشيمة عجم الطير أن تشجي العربا .
دنا إفها واخضرّ أطراف عيشها ... فهاجت لي البلوى وقد هدلت عجبا .
هفا بك متن الغصن لو أن قدرةً ... سلبتك حلي الطوق والغصن الرّطبا .
ولكنّ إخواناً أعدّ فراقهم ... خساراً ولو سافرت أقتنص الشّهبا .
وخلفت قلبي بالعراق رهينةً ... لقصد بلادٍ ما اكتسبت بها قلبا .
وإنّي ليحييني على بعد داره ... نسيم نعاماه ولو حملت تربا .
ومن شيمتي أن استهبّ له الصبّا ... واستتبع النعمى واستمطر السحبا .
وأعمر من ذكراه كلّ مفازةٍ ... وألهي بعلياه الركائب والرّكبا .
واذكره بالطيب إن جاء طارقاً ... وبالطيف إن أسرى وبالسيف إن هبّا .
وبالبدر إن وافى وبالليث إن سطا ... وبالغيث إن أروى وبالبحر إن عبّا .
وأشتاق أياماً تقضّت كأنما ... أسرّت عن الأيام أو أدركت غصبا .
تحنّ حنين البعد والشمل جامع ... ويزداد حبّاً كلما لم يزر غبّا