إخاء تعالى أن يكون أخوّةً ... وقربى ودادٍ لا تقاس إلى قربى .
ومن شعر المنازي : .
غزال قدّه قدّ رطيب ... تليق به المدائح والنسيب .
جهدت فما أصبت رضاه يوماً ... وقالوا : كلّ مجتهدٍ يصيب .
ومنه : .
ومبتسم بثغرٍ كالأقاحي ... وقد لبس الدّجى فوق الصباح .
له وجه يدلّ به وعين ... يمرّضها فيكسر كل صاح .
وتثني عطفه خطرات دلًّ ... إذا لم تثنه نشوات راح .
يميل مع الوشاة وأيّ غصنٍ ... رطيبٍ لا يميل مع الرياح .
شرف الدين التيفاشي .
أحمد بن يوسف بن أحمد هو الشيخ شرف الدين التيفاشي - بالتاء ثالثة الحروف وبعدها ياء آخر الحروف وفاء وبعدها ألف وشين معجمة قبل ياء النسبة - القيسي . له كتاب كبير إلى الغاية وهو في أربع وعشرين مجلدة جمعه في علم الأدب وسمّاه فصل الخطاب في مدارك الحواس الخمس لأولي الألباب ورتبّه وجمع فيه من كل شيء وتعب عليه إلى الغاية . ولم أقف عليه لكن رأيت الذي اختصره منه الفاضل جلال الدين محمد بن المكرّم وسماه سرور النفس بمدارك الحواس الخمس وهو كتاب جيد وجمع جيد يدلّ على فضل جامعه . قال ابن سعيد في المشرق في أخبار أهل المشرق هو مقرّ بأنّه استعان في هذا الكتاب المذكور بالخزائن الصاحبية .
قلت : هو الصاحب محيي الدين محمد بن محمد بن سعيد بن ندى الجزري لأنّه عند وروده من الغرب وما اتفق عليه في البحر من سلب ماله وكتبه أتى إلى الصاحب فآواه وأقام عنده مدة .
وللتيفاشي مجلد جيد في معرفة الجواهر . وتوفي شرف الدين التيفاشي بالقاهرة سنة إحدى وخمسين وستمائة .
ومن شعره : .
ويومٍ سرقناه من الدهر خلسةً ... بل الدهر أهداه لنا متفضّلا .
أشبّهه بين الظلامين غرّةً ... لحسناء لاحت بين فرعين أرسلا .
ومنه : .
نبّه نديمك إنّ الدّيك قد صخبا ... والليل قوّض من تخييمه الطّنبا .
والفجر في كبد الليل السقيم حكى ... سرّ المتيم عن إخفائه غلبا .
كأنه بظلام الليل ممتزجاً ... سمراء تفتر أبدت مبسماً شنبا .
كأنما الفجر زند قادح شرراً ... في فحمة الليل لاقى الفحم والتهبا .
كأن أول فجرٍ فارس حملت ... راياته البيض في إثر الدجى فكبا .
كأن ثاني فجرٍ غرّة وضحت ... تسيل في وجه طرفٍ أدهمٍ وثبا .
ومنه في الزلزلة : .
أما ترى الأرض في زلزالها عجباً ... تدعو إلى طاعة الرحمن كلّ تقي .
أضحت كوالدةٍ خرقاء مرضعةٍ ... أولادها درّ ثديٍ حافلٍ غدق .
قد مهّدتهم مهاداً غير مضطربٍ ... وأفرشتهم فراشاً غير ما قلق .
حتى إذا أبصرت بعض الذي كرهت ... ممّا يشقّ من الأولاد في خلق .
هزّت بهم مهدها شيئاً تنهنههم ... ثم استشاطت وآل الطبع للخرق .
فصكّت المهد غضبي فهي لافظةٌ ... بعضاً على بعضهم من شدّة النّزق .
ومنه في النار : .
كأنما نارنا وقد خمدت ... وجمرها بالرماد مستور .
دم جرى من فواختٍ ذبحت ... من فوقه ريشهنّ منثور .
ومنه في الأهرام : .
قد كان للماضين من ... أرباب مصرٍ همم .
فالفضل عنهم فضلة ... والعلم فيهم علم .
إن انقضت أعلامهم ... وعلمهم وانصرموا .
فاليوم مصر عدمٌ ... إن كان يرجى العدم .
وانظر تراها ظاهراً ... بادٍ عليها الهرم .
قلت : شعر متوسط والمقطوع الذي في النار جيد إلى الغاية . وكان سمعه قد صمّ فاتفق أن اجتمع يوماً بسيف الدين المشدّ وتوهم أنه سمع منه كلاماً لا يليق به فعاتبه فقال المشدّ أبياتاً يعرّض بذكر كتابيه المسالك وفصل الخطاب : .
أيها العالم الذي زيّن العص ... ر بما حازه من الآداب .
والذي أعجز الأفاضل كالجا ... حظ فبما أتى به والصّابي .
أنت تدري بأن سمعك والل ... ه المعافي في غاية الإضطراب