لم يتجاسر على ما زعماه من أن التوراة لم يأت فيها وعد ووعيد يتعلق بما بعد الموت بل أثبت ذلك واستدل عليه بالتوراة كما عرفت من كلامه السابق المتضمن لاعترافه ولمخالفته في إثبات اللذات الجسمانية فإن قلت قد جاء عن الصابئة وعن جماعة من المتعلقين بمذاهب الحكماء ما يوافق كلام ابن ميمون المذكور قلت لسنا بصدد الرد على كل كافر ومتزندق بل بصدد الكلام على ما جاءت به رسل الله ونطقت به كتبه واتفقت عليه الملل المنتسبة إلى الأنبياء المقتدية بكتب الله ورسله دفعا لما وقع من الكذب البحت والزور المحض ممن يزعم المخالفة بينها وبين ما جاءت به الشريعة المحمدية فأوضحنا أن ذلك مخالف للملة اليهودية ولما جاءت به التوراة وما قاله علماء اليهود ومخالف لما جاءت به الملة النصرانية ولما جاء به الانجيل وما قاله علماء النصارى ومخالف أيضا لما جاء به أنبياء بني إسرائيل وما نطقت به كتبهم حسبما قدمنا ومخالف ملا كان من الأنبياء المتقدمين على بعثة موسى كما يحكي ذلك ما تضمنته التوراة من حكاية أحوالهم وما كانوا عليه وما كانوا يدينون به وكما يحكي ذلك عنهم القرآن الكريم فإن فيه ما يفيد ما كانوا عليه وما كانوا يدينون به وما قالوا لقومهم وما وعدوهم به من خير وشر بل فيه ما يفيد ما كان عليه أهل الكتب المتأخرة من البعثة لموسى ومن بعده وما كانوا يدينون به كقوله سبحانه حاكيا عن اليهود وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى وقوله تعالى يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وقوله حاكيا عن موسى إلى فرعون يا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد إلى قوله وأن الآخرة هي دار القرار إلى قوله فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها