فإن الخطاب في الدنيا لمجموع الشخص الذي هو الجسم والروح وظاهره أنه يكون له هذا على الصفة التي خوطب وهو عليها وأنه يحصل له جميع ما يتلذذ به من اللذات الجسمانية والنفسانية ومن ادعى التخصيص ببعض الشخص أو ببعض اللذات فهو يدعي خلاف الظاهر ولكن المحرف المتزندق لا مقصد له إلا التلبيس على أهل الأديان .
وكذلك قوله وقد قال النبي أشعيا أن العالم المستقبل ليس يدرك بالحواس وهو قوله لا عين تقدر تراه فإن هذا هو مثل ما قدمنا من كلام الأنبياء في استعظام ما عند الله لعباده الصالحين في الدار الآخرة .
وبهذا تعرف أنه لم يكن في كلام هذا الملعون الزنديق ما يتمسك به متمسك أو يغتر به مغتر بل هو خلاف ما في كتب الله جميعا كما قدمنا وخلاف ما عند علماء الملل بل خلاف ما أقر به في كلامه السابق إقرارا مكررا .
فيا عجبا لمن يتمسك بمثل هذا الكلام الذي لم يجر على نمط ملة من الملل ولا وافق نصا من نصوص كتب الله سبحانه ولا نصا من نصوص رسل الله جمعيا ويجعله ما وردت به التوراة والإنجيل ويجزم به ويحرره في كتبه مظهرا أن الشريعة المحمدية جاءت بما لم يكن في الشرائع السابقة زاعما أن ذلك دليل على كمالها مبطئا ما أبطنه هذا الزنديق ابن ميمون اليهودي كما فعل ذلك ابن سينا وتبعه بن أبي الحديد في شرح النهج بكل جاور ما قاله هذا إلى ما هو شر منه فقال إن التوراة لم يأت فيها وعد ووعيد يتعلق بما بعد الموت وهذه فرية على التوراة وجحد لما فيها وتحريف لما صرحت به في غير موضع كما قدمنا بعض ذلك وكذلك زعما أن المسيح وإن صرح بالقيامة فقد جعل العذاب روحانيا وكذلك الثواب وهذا أيضا كذب محض وقد قدمنا ما يفيدك ذلك ويطلعك على كذبهما والعجب أن ابن ميمون اليهودي