@ 208 @ الأرض تلك السنة نباتا كثيرا وأخصبت ، فقالوا : هذا كان خيرا لنا ، فلم يؤمنوا وكفروا به ؛ فأرسل الله عليهم الجراد ؛ فأكل زرعهم ونباتهم إلا قليلا ؛ فاستغاثوا بموسى حتى يدعو الله - تعالى - فيدفع عنهم ذلك . .
وفي أخبار عمر - رضي الله عنه - : أنه قل الجراد في زمانه سنة ، فبعث راكبا قبل اليمن وراكبا قبل الشام وراكبا قبل العراق ؛ ليطلبوا الجراد ؛ فجاء راكب اليمن بكف من جراد ، فقال عمر - رضي الله عنه - الله أكبر ، إن لله - تعالى - ألف أمة : ستمائة في البر ، وأربعمائة في البحر ، وأول أمة تهلك الجراد ، ثم تتبعهم سائر الأمم الباقيين ' . .
وفي الأخبار : أن مريم سألت [ ربها ] ، وقالت : يا رب أطعمني لحما بلا دم ؛ فأطعمها الجراد . وفي الخبر ' مكتوب على صدر كل جرادة جند الله الأعظم ' . .
رجعنا إلى القصة ، فلما رفع عنهم الجراد لم يؤمنوا أيضا ؛ فأرسل الله عليهم القمل ، قال ابن عباس ومجاهد وقتادة : القمل صغار الجراد ، وهي : الدبي التي ليست لها أجنحة ، وعن ابن عباس - في رواية أخرى - أن القمل : سوس الحنطة . وقال أبو عبيدة : هو كبار القراد ، وسمى القراد الكبير : حمنان أيضا ، وقيل : القمل هو القمل ، وقيل : هو الرعاف . فاستغاثوا بموسى ، فدعا الله فرفع عنهم فلم يؤمنوا ؛ فسلط عليهم الضفادع . .
وفي القصة : أن موسى جاء إلى شط البحر وأشار بعصاه إلى أدنى البحر وأقصاه ، فخرجت الضفادع حتى امتلأت بيوتهم - وكانت قوافز - وكان الرجل منهم إذا فتح فاه ليتكلم تثب في فيه ، وكل من نام منهم فإذا انتبه من النوم يرى على بدنه منها قدر ذراع ، وكان إذا تكلم الرجل تقفز في فمه ، ثم رفع عنهم فلم يؤمنوا ؛ فجعل الله نيل مصر عليهم دما - وكان كل ذلك للقبط خاصة - وكان القبطي يأخذ من النيل الدم ، وبنو إسرائيل يأخذون الماء ، حتى كان الكوز الواحد يشرب القبطي منه دما عبيطا ،