@ 59 @ كيف بكى يعقوب كل هذا البكاء وحزن هذا الحزن ، وهل أصيب إلا بفقد ولد واحد ، أفما كان عليه أن يسلم الأمر إلى الله تعالى ويصبر ؟ الجواب عنه : أنه امتحن في هذا بما لم يمتحن به غيره ، ولم يسأل عن يوسف مع طول الزمان ، وكان [ ابتلاؤه ] فيه أنه لم يعلم حياته فيرجو رؤيته ، ولم يعلم موته فيسأل عنه ، وكان يوسف من بين سائر الإخوة خص بالجمال الكامل ( والعقل ) وحسن الخلق وسائر ما يميل القلب إليه . وروي عن الحسن البصري أنه مات أخوه فبكى عليه بكاء شديدا فسئل عن ذلك ؟ فقال : سبحان من لم يجعل الحزن عارا على أهله ، وقرأ قوله تعالى : ( ^ إنما أشكو بثي وحزني إلى الله ) . وروى حبيب بن أبي ثابت قال : لما كبر يعقوب وطال عليه الحزن سقط حاجباه على عينيه من الكبر فكان يرفعهما بخرقة ، فدخل عليه بعض جيرانه وقال : ما الذي بلغ بك ما بلغ ولم تبلغ سن أبيك بعد ؟ قال : طول الزمان وكثرة [ الأحزان ] ، فبعث الله إليه جبريل - عليه السلام - وقال : يا يعقوب ، شكوتني إلى خلقي ؟ ! فقال : خطيئة فاغفرها لي يا رب . فغفرها الله له ، وكان بعد ذلك إذا سئل عن حاله قال : ' إنما أشكو بثي وحزني إلى الله ' وعن وهب بن منبه : أن الله تعالى أوحى إلى يعقوب - عليه السلام - فقال : أتدري لم عاقبتك وفرقت بينك وبين ولدك ؟ قال : يا رب لا ، فقال : لأنك ذبحت شاة وشويتها وقترت على جارك وأكلت ولم تطعمه ؛ وقد روى أنس ، عن النبي قريبا من هذا أورده الحاكم أبو عبد الله . وفي خبر أنس : ' أن الله تعالى قال ليعقوب : اتخذ طعاما وادع إليه المساكين ، ففعل وكان بعد ذلك إذا تغد أمر من ينادي : من أراد الغداء فليأت يعقوب ، وإذا أفطر أمر من ينادي : من أراد أن يفطر فليأت يعقوب ، فكان يتغدى معه القوم الكثير ، ويتعشى معه القوم الكثير من المساكين ' . .
وفي القصة : أن سبب ابتلاء يعقوب أنه ذبح عجلا بين يدي أمها وهي تخور . وعن عبد الله بن يزيد وابن أبي فروة : أن يعقوب - عليه السلام - كتب كتابا إلى