@ 58 @ ( ^ قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين ( 85 ) قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون ( 86 ) يا بني ) * * * * قوله : ( ^ يا أسفى ) يا حزن على يوسف ، والأسف : شدة الحزن . وقوله : ( ^ وابيضت عيناه من الحزن ) يعني : غلب البياض على الحدقة وذهبت الرؤية . ونسبه إلى الحزن ؛ لأنه كان يبكي لشدة الحزن وعمي لشدة البكاء . وقوله : ( ^ فهو كظيم ) أي : ممسك على حزنه لا يبثه ولا يذكره للناس . فهذا بعد أن نهاه الله عن ذلك على ما بينا . .
قوله تعالى : ( ^ قالوا تالله تفتأ تذكر يوسف ) يعني : لا تزال تذكر يوسف ، و ' لا ' محذوفة ، وقوله : ( ^ حتى تكون حرضا ) قال ثعلب - أحمد بن يحيى - الحرض : كل شيء لا ينتفع به ، قال مجاهد : الحرض ما دون الموت ، وقال الفراء : الحرض هو الذي فسد جسمه وعقله ، وقال أبو عبيدة : الحرض هو الذي أذابه الحزن . وقيل : هو المدنف البال ، والأقوال متقاربة . .
وعن أنس بن مالك أنه قرأ : ' حتى تكون حرضا ' والحرض : الأشنان ، ومعناه : حتى تصير كعود [ الأشنان ] ، وقوله : ( ^ أو تكون من الهالكين ) أي : من الميتين . .
قوله تعالى : ( ^ قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون ) قد بينا الخبر [ الوارد ] في هذا برواية أنس . والبث : الهم ، ( ^ وحزني إلى الله ) ، وروى أنه قال : يا رب ، أما ترحمني ، قد أخذت مني كذا وكذا - وجعل يعدد - رد إلي ريحانتي ( فأشمها شمة ثم افعل ) بي ما أردت ولا أبالي ، فأوحى الله - تعالى - إليه : أن اسكن وفرغ روعك فسأردهما إليك . وفي الآثار المسندة عن الحسن البصري أنه قال : بكى يعقوب ثمانين سنة وما جف له دمع ، ولم يكن على وجه الأرض أحد أكرم على الله منه . قوله : ( ^ وأعلم من الله ما لا تعلمون ) يعني : أعلم من حياة يوسف ما لا تعلمون ، وقيل : أعلم من تحقيق رؤيا يوسف ما لا تعلمون ، فإن قال قائل :