- روى الشيخان وغيرهما مرفوعا : [ [ من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ] ] . زاد في رواية : [ [ إنما يخشى الله من عباده العلماء ] ] .
وروى البزار والطبراني مرفوعا : إذا أراد الله بعبد خيرا فقهه في الدين وألهمه رشده .
وروى الطبراني مرفوعا : أفضل العبادات الفقه وأفضل الدين الورع .
وروى الطبراني والبزار بإسناد حسن مرفوعا : فضل العلم خير من فضل العبادة وخير دينكم الورع .
وروى الطبراني مرفوعا : قليل العلم خير من كثير العبادة وكفى بالمرء فقها إذا عبد الله وكفى بالمرء جهلا إذا عجب برأيه .
ورواه البيهقي بإسناد حسن صحيح من قول مطرف بن عبدالله بن الشخير Bه .
وروى مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم مرفوعا : من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة . وروى أبو داود والترمذي وابن ماجه في صحيحه مرفوعا إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع وإن العالم يستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر .
وروى ابن ماجه وغيره مرفوعا : طلب العلم فريضة على كل مسلم وواضع العلم عند غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ والذهب .
وروى الطبراني مرفوعا : من جاء أجله وهو يطلب العلم لقي الله ملم يكن بينه وبين النبيين إلا درجة النبوة .
وروى ابن ماجه بإسناد حسن عن أبي ذر قال : قال لي رسول الله A : [ [ لأن تغدو فتعلم آية من كتاب الله تعالى خير لك من أن تصلي مائة ركعة ولأن تغدو فتعلم بابا من العلم عملت به أو لم تعمل به خير لك من أن تصلي ألف ركعة ] ] .
وروى الخطيب بإسناد حسن مرفوعا : العلم علمان : علم في القلب فذلك العلم النافع وعلم في اللسان وذلك حجة الله على ابن آدم .
وروى الديلمي في مسنده وأبو عبدالرحمن السلمي في الأربعين التي له في التصوف والحكيم الترمذي في نوادر الأصول أن رسول الله A قال : [ [ إن من العلم كهيئة المكنون لا يعلمه إلا العلماء بالله تعالى فإذا نطقوا به لا ينكره إلا أهل الغرة بالله D ] ] .
والأحاديث في ذلك كثيرة . والله تعالى أعلم .
- ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله A ) أن ندمن مطالعة كتب العلم وتعليمه للناس ليلا ونهارا ما عدا العبادات المؤقتة والحوائج الضرورية .
ومذهب إمامنا الشافعي Bه أن طلب العلم على وجه الإخلاص أفضل من صلاة النافلة . واعلم أن الشارع A ما نوع العبادات المتفاضلة في الأجر إلا لعلمه A بحصول الملل للعاملين ولو في الأمور الواجبة فإذا حصل الملل فيها انتقلوا إلى واجب آخر أو إلى ذلك الأمر المفضول فإذا حصل الملل منه كذلك انتقلوا لمفضول آخر أو فاضل أو أفضل ما لم يجدوا في نفوسهم مللا فيه فعلم أن سبب تنوع المأمورات إنما هو وجود الملل فيها إذا دامت فلو تصور أن إنسانا لم يمل من الواجبات أو مما هو أفضل لأمره A بملازمتها وترك الأمور المفضولة جملة لأنه ما تقرب المتقربون إلى الله تعالى بمثل أداء ما افترضه عليهم ولكن لما كان يحصل لهم من الملل في الواجبات حتى لا يبقى في نفس العامل داعية ولا خشوع ولا لذة بتلك العبادات كان العمل المفضول الذي له فيه داعية ولذة وخشوع أتم وأكمل .
وقد كان الإمام الشافعي Bه يقسم الليل ثلاثة أجزاء جزءا ينام فيه وجزءا يطالع الحديث ويستنبط وجزءا يتهجد فيه . وكان يقول : [ [ لولا مذاكرة الإخوان في العلم والتهجد في الليل ما أحببت البقاء في هذه الدار ] ] . فعلم أنه لا ينبغي لطالب العلم أن يكب على مطالعة العلم ليلا ونهارا إلا إذا صلحت النية فيه ولم يقم أحد مقامه في بلده أو إقليمه فإن دخل بيته حب رياسة أو طلب دنيا أو قام أحد مقامه في نشر العلم فالاشتغال بكل ما صلحت فيه النية من الطاعات أولى وسيأتي في العهود قريبا أن من جملة العمل بالعلم توبة العبد واستغفاره إذا وقع في معصية فإنه لولا العلم ما عرف أنها معصية ولا تاب منها فتأمل .
وقد قال داود الطائي C تعالى : طالب العلم كالمحارب فإذا أفنى عمره في تعليم كيفية القتال فمتى يقاتل ؟ فمن عقل العاقل أنه كلما رأى نفسه عملت بكل ما علم واحتاجت للعلم أن يقدمه على سائر الطاعات التي لم يأمره الشارع بتقديمها عليه وكلما رأى نفسه مستغنية عن العلم وعلمها زائد على حاجتها أن يقدم غيره عليه كما كان عليه السلف الصالح فلابد لكل إنسان من العلم والعمل والاشتغال بواحد منهما دون الآخر نقص .
واعلم أن جميع ما ورد في فضل العلم وتعليمه إنما هو في حق المخلصين في ذلك فلا تغالط في ذلك فإن الناقد بصير . وقد وقع لنا مع المجادلين نزاع كثير في ذلك فإنا نراهم متكالبين على الدنيا ليلا ونهارا مع دعواهم العلم وتعظيمهم نفوسهم بالعلم والجدال من غير أن يعرجوا على العمل بما علموا ويستدل أحدهم بما ورد في فضل العلم وينسى الأحاديث التي جاءت في ذم من لم يعمل بعلمه جملة واحدة وهذا كله غش للنفس وفي القرآن العظيم : { ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة أمن يكون عليهم وكيلا } .
فاسلك يا أخي على يد شيخ يخرجك من هذه الرعونات والظلمات والدعاوي وتصير تبكي على تفريطك في الأعمال حتى يصير لك خطان أسودان في وجهك من سيلان الدموع وإن لم تسلك كما ذكرنا فيطول تعبك في الآخرة ويا خسارة تعبك في تحصيلك للدنيا .
وقد سمعت سيدي عليا الخواص C يقول في معنى حديث : [ [ إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر ] ] . ومعناه أن الناس ينتفعون بعلم الفاجر وتعليمه وإفتائه وتدريسه حتى يكون في الصورة كالعلماء العاملين ثم يدخله الله بعد ذلك في النار لعدم إخلاصه كما مر قريبا نسأل الله اللطف فاعلم ذلك والله يتولى هداك