- روى الشيخان وغيرهما مرفوعا : [ [ إن الله تعالى قبل وجه أحدكم إذا صلى فلا يبصق إذا صلى بين يديه ] ] .
وروى ابن خزيمة : أن رسول الله A كان إذا رأى نخامة في المسجد يغضب ويقول : [ [ إن أحدكم إذا صلى يقابل ربه أيحب أحدكم أن يستقبل أحد وجهه فيبصق في وجهه ] ] . وفي رواية أخرى له مرفوعا : [ [ إن الله D بين أيديكم في صلاتكم فلا توجهوا شيئا من الأذى بين أيديكم ] ] . وبوب عليه ابن خزيمة باب الزجر عن توجيه جميع ما يقع عليه اسم أذى تلقاء القبلة في الصلاة ثم روى مرفوعا : [ [ من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة وتفله بين عينيه ] ] ومعنى تفل بصق . قلت ومعنى قوله : إن الله في قبلة أحدكم أو تجاه وجهه . أن حضرة خطاب الحق تعالى تكون بين يدي المصلي فلا يبصق قبلها أدبا معها وإلا فالحق سبحانه لا تأخذه الجهات . والله أعلم .
وروى الشيخان مرفوعا : [ [ البصاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها ] ] .
وروى أبو داود وغيره : أن رسول الله A نهى عن إنشاد الضالة في المسجد وعن البيع والشراء وعن تشبيك الأصابع فيه .
وروى ابن ماجه وغيره مرفوعا : [ [ خصال لا تنبغي في المسجد : لا يتخذ طريقا ولا يشهر فيه سلاح ولا يمر فيه بلحم نيء ولا يضرب فيه حد ولا يقتص فيه من أحد ولا يتخذ فيه سوق ] ] . والنيئ : هو الذي لم يطبخ وقيل هو الذي لم ينضج .
وروى ابن حبان في صحيحه مرفوعا : [ [ سيكون في آخر الزمان ناس يكون حديثهم في مساجدهم الدنيا ليس لله فيهم حاجة ] ] . قال نافع : وكان ابن عمر Bه يخرج من رآه يلغو في المسجد إلى الرحبة ويقول من أراد أن يلغو فليخرج إلى الرحبة .
وروى الشيخان مرفوعا : [ [ من أكل من هذه الشجرة يعني الثوم فلا يقربن مسجدنا ] ] . وفي رواية لأبي داود : [ [ فلا يقربن المساجد ] ] . وفي رواية للطبراني : [ [ من أكل ثوما أو بصلا فلا يقربن مسجدنا فإن كان ولا بد فاعلا فلينهكهما بالنار ] ] يعني فليطبخهما .
وروى مسلم مرفوعا : [ [ من أكل كراثا فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى به الناس ] ] .
وروى الطبراني مرفوعا : [ [ من أكل فجلا فلا يقربن مسجدنا ] ] .
وروى مسلم : أن رسول الله A شم رائحة بصل من رجل في المسجد فأمر به فأخرج إلى البقيع . قلت : ويقاس بالروائح الكريهة المحسوسة الروائح الكريهة المعنوية فمن عصى الله تعالى ولم يتب توبة نصوحة فليس له أن يدخل المسجد حتى تزول رائحة تلك المعصية الخبيثة هذا في شأن من يعصي خارج المسجد فكيف حال من يعصي الله تعالى فيه متكررا دائما والله إن أكثر الناس اليوم كالبهائم السارحة . وقد رأيت بعيني شخصا مسك امرأة ليزني بها في جامع عمرو بمصر العتيق ونحن محرمون في الصلاة الجمعة فغارت القدرة عليه فضربوه حتى كاد أن يموت فالله تعالى يلطف بنا أجمعين اللهم آمين .
- ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله A ) أن لا نتعاطى فعل شيء من القاذورات في المسجد سواء القاذورات الحسية كالنجاسة العينية والمعنوية كالغيبة والنميمة والنظر إلى ما لا يحل ونحو ذلك كل ذلك إجلالا وتعظيما لما نحن فيه في حضرته الخاصة به لأن المسجد بيت الله فهو كنهي الصائم عن الغيبة في رمضان وغيره .
وقد ورد النهي عن تقذير المساجد بالأمور المحسوسة كالبول والبصاق فقسنا عليها تقذيره بالأمور المعنوية وفي الحديث : [ [ إن أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة ] ] يعني في المسجد . فاعلم أنه لا ينبغي للجالس في المسجد أن يتهاون بتطاير شيء من بصاقه فيه ولا أن يخرج فيه ريحا ولا أن يلغو فيه ولا أن يتهاون ويتساهل في الخواطر السيئات ولا أن يأكل على حصره أو أرضه عسلا يعف عليه الذباب ولا أن يأكل فيه ثوما أو بصلا أو شيئا مما له رائحة كريهة مطلقا كالسمك المقدد ونحو ذلك ومن وقع في شيء مما ذكرناه فليبادر إلى التوبة وإزالة القذر منه على الفور إن كان حسيا وهذا العهد لا يقدر على العمل به من سكان المساجد وخدامها إلا القليل : فيحتاج من يريد العمل به إلى شيخ يسلك به في درجات تعظيم الله D التعظيم الممكن للخلق حتى يوقفه في حضرة الله الخاصة ويشاهد أهلها بعين قلبه وهم صفوف واقفون وساجدون على اختلاف طبقاتهم في التقريب ويرى هناك من الملائكة كل ملك لو أراد أن يبلع السماوات والأرض في جوفه لهان عليه ذلك ومع ذلك فهو يرعد من هيبة الله فإذا كانت هذه عظمة عبد من عبيد الله فكيف بسيده الذي لا يحيط بوصفه الواصفون . وإيضاح ذلك أن رؤية الملك سبحانه في حضرته الخاصة وجنوده واقفون بين يديه أكمل من شهوده بغير جنود ولذلك أسرى برسول الله A إلى الحضرات العلى ليطلع على ما لم يكن عنده في الأرض من حيث العظمة الإلهية فإن في الإنسان جزءا يزداد علما بالشهود فكان في الإسراء زيادات الآيات والعلامات وإعطاء العين حظها من النظر .
وتأمل يا أخي لو أن أحدا من ملوك الأرض لبس لبسة العوام وخرج مستخفيا في الناس إذا رأيته لا يقوم بقلبك تعظيمه كما تعظمه إذا رأيته في دست مملكته وعسكره فكذلك القول في الحضرات الإلهية : { ولله المثل الأعلى } الذي لا يحاط به فإنها على صورة المواكب الأرضية في الهيبة نظير الوقوف في صلاة الجماعة .
فاعلم أن من طلب تعظيم بيوت الله تعالى من غير سلوك على يد شيخ ناصح فقد أخطأ الطريق لأن تعظيم البيت فرع عن تعظيم رب البيت .
وما رأت عيني في عمري كله أكثر تعظيما للمساجد من سيدي علي الخواص C تعالى كان لا يقدر على رؤية أحد يلغو في المسجد أو يعمل فيه حرفة أو يدخله لحم نيء أو قديد سمك أو غافلا عن الله D .
وقد رأى مرة الأخ الصالح أبا العباس الحريثي يمشي بتاسومة في المسجد فنهاه عن ذلك وقال هذا عيب عظيم من مثلكم وقلة تعظيم لربكم فنزعها من رجله واستغفر فما لبسها في المسجد حتى مات وهذا الأمر قد كثر في المتورعين تنطعا لا خوفا من الله D فيأكلون الحرام ويفعلون الحرام ثم يمشي أحدهم بتاسومة على حصر المسجد .
وقد قالوا في المثل السائر رأوا مرة شخصا سكرانا يقرأ القرآن فقال الناس له غن ليشاكل بعضك بعضا وهكذا من يفعل ما ذكرناه وما هكذا كان يفعل أهل العلم والدين الذين أدركناهم رضي الله تعالى عنهم فالله تعالى يرد العاقبة إلى خير آمين