- روى الشيخان وغيرهما مرفوعا : [ [ لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها ] ] . وفي رواية أخرى لهم : مسيرة يوم . وفي أخرى لهم : مسيرة ليلة . وفي رواية لهم ولأبي داود وابن خزيمة : أن تسافر بريدا . قلت : ولعل اختلاف هذه الروايات إنما هو من حيث أمن الطريق وعدمه . والله تعالى أعلم .
- ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله A ) أن لا نمكن امرأة من حلائلنا تسافر وحدها بغير محرم أو نسوة ثقات وكذلك لا نمكنها تخرج لزيارة في حارة قليلة الناس أو فيها من يخشى منه من الجند والعياق إلا مع محرم وهذا العهد يخل بالعمل به كثير من المغفلين فربما أمسكوا زوجته فزنوا بها وهتكوها فيصير زوجها في حيرة بين فراقها وبين الإقامة معها ومثل حلائلنا في ذلك أولادنا المرد فلا نمكنهم قط من الخروج لمواضع التنزهات وغيرها إلا مع من يوثق به لا سيما إن كان أحدهم جميل الصورة .
وقد كان سيدي محمد بن عراق لا يمكن ولده سيدي عليا أن يخرج إلى السوق حين كان أمرد إلا ببرقع خوفا عليه من السوء وخوفا على الناس من الفتنة Bهما وما رأيت في عصرنا هذا أكثر غيرة على عياله من سيدي الشيخ أبي الفضل بن أبي الوفا Bه وعن جميع ساداته كان إذا طلب العيال الحمام ينزلهم بالليل في زورق من الروضة إلى مصر العتيقة ويقذف بهم وحده ثم يطلع بهم إلى الحمام فيدخله قبلهم ويفتش جميع عطفه من مستوقد والسطوح ثم يخرج من يكون هناك ويغلق باب الحمام ويجلس على بابه حتى يقضين حاجتهن ثم يردهن كذلك إلى المراكب ويطلع بهن إلى البيت ليلا Bه .
ويليه في ذلك سيدي الشيخ أبو السعود ابن سيدي مدين Bه كان لا يمكن أحدا مطلقا من دخول بيته لا في مرض ولا غيره .
ويليه في ذلك الأمير الصالح محيي الدين بن أبي أصبغ رأيته يفعل في دخول الحمام كما كان يفعل سيدي الشيخ أبو الفضل السابق ورأيته إذا احتاج عياله إلى الفصد لا يستعمل إلا الجرائحي الذي طعن في السن فهؤلاء الثلاثة الذين اطلعت على ضبطهم لعيالهم هذا الضبط فجزاهم الله عن ذلك خيرا آمين .
وليس ذلك ممن باب سوء الظن بالعيال أو بالأجانب وإنما هو تنزه عن مواضع الريبة فيعاملهم معاملة من يسيء الظن من غير سوء ظن فافهم فإن الكمل لا يراعون جانبا دون جانب فكان في ذلك الفعل مراعاة الجانبين .
وممن اطلعت عليها من النساء تخاف على رؤية شخصها وهي في الإزار وتستحي أن يراها أحد وهي خارجة من الخلاء زوجتي فاطمة أم عبدالرحمن Bها سافرت بها إلى الحجاز ثلاث مرات فما أظن أن العكام رأى لها حجما قط من حين خرجت من بيتها إلى أن دخلت مكة المشرفة ثم رجعت إلى بيتها وكانت تركب في مثل العقبات فوق ظهر القتب داخل الحمل المغطى ونزل نساء الأكابر كلهم في نزول العقبة وطلوعها وهي لم تنزل وما شعرت قط بقضاء حاجتها لا في المحطات ولا في حال السير Bها ولم تركب قط حمارا وقالت لا أستطيع أن يراني أحد حتى الكحال عجزت فيها أنه يرى عينها فلم أقدر عليها ورضيت بالوجع وصبرت حتى زال الرمد وضاق ميق عينها اليسرى عن العين اليمنى إلى الآن فهذا أمر رأيته منها ولم يبلغني وقوع ذلك لأحد من عيال إخواننا فالحمد لله رب العالمين على ذلك