- روى الترمذي وقال حديث حسن مرفوعا : [ [ قال الله تعالى يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك يابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة ] ] . وقراب الأرض بكسر القاف وضمها أشهر : هو ما يقارب ملأها . وروى الترمذي وابن ماجه وابن أبي الدنيا : أن رسول الله A دخل على شاب وهو في الموت فقال : [ [ كيف تجدك ؟ قال أرجوا الله يا رسول الله وإني أخاف ذنوبي فقال رسول الله A لا يجتمعان في قلب عبد مؤمن في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله تعالى ما يرجو وآمنه مما يخاف ] ] . وروى الإمام أحمد وغيره مرفوعا : [ [ إن الله D يقول للمؤمنين يوم القيامة هل أحببتم لقائي ؟ فيقولون : نعم يا ربنا فيقول لم ؟ فيقولون : رجونا عفوك ومغفرتك فيقول قد أوجبت لكم مغفرتي ] ] . وروى الشيخان مرفوعا : [ [ قال الله D : أنا عند ظن عبدي بي ] ] . وروى أبو داود وابن حبان وغيرهما مرفوعا : [ [ حسن ظن من حسن العبادة ] ] . وفي رواية للترمذي والحاكم : [ [ إن حسن الظن بالله من حسن عبادة الله ] ] . وروى مسلم وأبو داود وابن ماجه عن جابر أنه سمع النبي A قبل موته بثلاثة أيام يقول : [ [ لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله D ] ] . وروى الإمام أحمد وابن حبان في صحيحه والبيهقي مرفوعا : [ [ قال الله D : أنا عند ظن عبدي بي فإن ظن بي خيرا فله وإن ظن شرا فله ] ] . وروى البيهقي عن رجل من ولد عبادة بن صامت لم يسمه عن أبي هريرة قال رسول الله A : [ [ أمر الله D برجل إلى النار فلما وقف على شفتها التفت فقال : أما والله يا رب إن كان ظني بك لحسنا فقال الله D : أنا عند ظن عبدي بي ] ] . يعني فأدخله الله الجنة كما في رواية . والله تعالى أعلم .
- ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله A ) أن يكون رجاؤنا وظننا في الله تعالى حسنا بطريقه الشرعي بأن نأتي بجميع المأمورات الشرعية ثم نرجو فضل ربنا ونعول على فضله لا على تلك الأعمال فإنه لو أخذنا بما في طاعاتنا من سوء الأدب معه لعذبنا أبد الآبدين وهذا الرجاء والظن بالله تعالى متعين على الإنسان في كل نفس ومن قال إن ترجيح حسن الظن لا يكون إلا عند الموت قلنا له والموت حاضر عندنا في كل نفس من الأنفاس ليس لنا عهد من الله تعالى برجوع نفس واحد إذا خرج فيحتاج المؤمن إلى عينين عين ينظر بها إلى حضرة الانتقام فيخاف من الله تعالى وعين ينظر بها حضرة الرحمة والمغفرة فيرجو فضل الله تعالى ورحمته فالعينان في آن واحد لأنهما يتعاقبان فافهم . ويحتاج من يريد الوصول إلى ذلك إلى شيخ يسلك به حتى يجعل له عينين بعد أن كان أعور وقد حثنا الله تعالى على حسن الظن به بقوله : [ [ أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي خيرا ] ] . فمن لم يظن بالله خيرا فقد عصى أمر الله تعالى وقد مشى الصادقون من المريدين على هذه القاعدة مع أشياخهم فإن ظنوا بشيخهم أن يحميهم من إبليس بنظره حماهم وإن ظنوا أنه لا يقدر على حمايتهم فلا يصح لهم حماية ولذلك أمروا مريدهم أن لا يغفل عن شهود كونه معه لأنه ما دام يشهد شيخا ملاحظا له فهو محفوظ من كل آفة ومتى غفل عن ذلك جاءته الآفات من كل جانب . ومما جربناه نحن أن من كان اعتقاده فينا متوفرا مهما طلب من الحوائج قضى له ومن لم يكن اعتقاده فينا متوفرا لم تقض له حاجة ولو كنا أقطابا فالمدار على حسن ظن المتوجه للشيخ لاعلى الشيخ وربما تقضى حاجة المعتقد ولم يكن يعلمها الشيخ إلا إن أعلمه بها المتوجه إليه فاعلم ذلك وسل الله تعالى أن يرزقك حسن الظن عند الموت فربما كان الإنسان حسن الظن بالله تعالى حال الصحة فإذا حضرته الوفاة أساء الظن بربه فيجني ثمرة ذلك فاعلم أن حسن الظن ليس في العبد وإنما هو مثل قوله تعالى : { ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون } . أي استصحبوا صفات الإسلام دائما ولا تتركوها نفسا واحدا فكل وقت جاءكم الموت وجدكم مسلمين فافهم ذلك فإنه نفيس وقد بسطنا الكلام على ذلك في أواخر عهود المشايخ . { والله غفور رحيم }