- روى الشيخان وغيرهما مرفوعا : سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله فذكر منهم : ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه .
وروى الحاكم وقال صحيح الإسناد مرفوعا : [ [ من ذكر الله ففاضت عيناه من خشية الله حتى يصيب الأرض من دموعه لم يعذبه الله يوم القيامة ] ] .
وروى الإمام أحمد والنسائي والحاكم وقال صحيح الإسناد مرفوعا : [ [ حرمت النار على عين بكت من خشية الله ] ] .
وروى الترمذي وقال حسن صحيح الإسناد مرفوعا : [ [ لا يدخل النار رجل يبكي من خشية الله تعالى حتى يعود اللبن في الضرع ] ] . وزاد في رواية البيهقي [ [ ولا يدخل الجنة مصر على معصية الله ] ] .
وروى الأصبهاني مرفوعا : [ [ كل عين باكية يوم القيامة إلا عين خرج منها مثل رأس الذباب من خشية الله D ] ] .
وروى الأصبهاني وابن ماجه والبيهقي مرفوعا : [ [ ما من مؤمن يخرج من عينيه دموع وإن كان مثل رأس الذباب خشية الله ثم يصيب شيئا من حر وجهه إلا حرمه الله على النار ] ] .
وروى البيهقي مرسلا : [ [ ما اغرورقت عين بمائها إلا حرم الله سائر ذلك الجسد على النار ولا سالت قطرة على خدها فيرهق ذلك الوجه قتر ولا ذلة ولو أن باكيا بكى في أمة من الأمم لرحموا وما من شيء إلا له مقدار وميزان إلا الدمعة فإنه يطفأ بها بحار من النار ] ] .
وروى الحاكم مرفوعا وقال صحيح الإسناد عن ابن مليكة قال : [ [ جلسنا إلى عبدالله ابن عمر في الحجر فقال ابكوا فإن لم تجدوا بكاء فتباكوا لو تعلمون العلم لصلى أحدكم حتى ينكسر ظهره ولبكي حتى ينقطع صوته ] ] .
وروى أبو داود واللفظ له النسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما عن مطرف عن أبيه عبدالله قال : رأيت رسول الله A يصلى ولصدره أزيز كأزيز الرحى من البكاء . أي صوت كصوت الرحى يقال أزت الرحى إذا صوتت .
وروى ابن خزيمة في صحيحه عن علي Bه قال : [ [ ما كان فينا فارس يوم بدر إلا المقداد ولقد رأينا وما فينا قائم إلا رسول الله A تحت شجرة يصلي ويبكي حتى أصبح ] ] . وفي حديث الطبراني وغيره : [ [ إن الله تعالى قال لموسى E : لم يتعبدني المتعبدون بمثل البكاء من خشيتي ] ] .
وروى الترمذي وابن الدنيا والبيهقي عن عقبة بن عامر قال : قلت : يا رسول الله ما النجاة ؟ قال [ [ أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك ] ] .
وروى البيهقي أن رسول الله A خطب الناس فبكى رجل بين يديه فقال A : [ [ لو شهدكم اليوم كل مؤمن عليه من الذنوب كأمثال الجبال الرواسي لغفر لهم ببكاء هذا الرجل وذلك أن الملائكة تبكى وتدعو له وتقول اللهم شفع البكائين فيمن لم يبك ] ] .
وروى البيهقي والأصبهاني مرفوعا : يقول الله D : [ [ وعزتي وجلالي وارتفاعي فوق عرشي لا تبكي عين عبد في الدنيا من مخافتي إلا أن أكثرت ضحكها في الجنة ] ] .
وروى أبو الشيخ والبيهقي مرفوعا : [ [ إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله تحاتت عنه ذنوبه كما يتحات عن الشجرة اليابسة ورقها ] ] . وفي رواية لهما مرفوعا : [ [ إذا اقشعر جلد المؤمن من خشية الله D وقعت عنه ذنوبه وبقيت له حسناته ] ] . والله سبحانه وتعالى أعلم .
- ( أخذ علينا العهد العام من رسول الله A ) أن نجوع ولا نشبع كل الشبع من الطعام في دار الدنيا وذلك لأن الله تعالى مدح البكائين من خشية الله ولا يبكي خالصا إلا من كان جائعا وأما الشبعان فمن لازمه التفعل في البكاء والتفعل لا يقبله الله تعالى وما لا يتوصل إلى المقصود إلا به فهو مقصود .
فجع يا أخي لتبكي وتدخل حضرة ربك في صلاتك وغيرها مع الخائفين من سطواته ولا تشبع تطرد إلى حضرة البهائم والشياطين .
وهذا العهد قل من يعمل به الآن من غالب الناس بل ربما أكل أحدهم الشهوات وشبع من الحرام بل رأيت جماعة انهمكوا في أكل الشبهات حتى قست قلوبهم فلا تكاد تجد أحدا منهم يبكى عند سماع موعظة وباعوا دخول حضرة ربهم بشهوة البطن .
واعلم يا أخي أن البكائين من خشية الله D قد قلوا من الدنيا وآخر من رأيته من البكائين عند سماع القرآن والمواعظ سيدي الشيخ علي البحيري تلميذ سيدي علي البتيتي [ النبتيتي ؟ ؟ ] وتلميذ الشيخ شهاب الدين بن الأقيطع رحمهما الله كان إذا سمع آية عذاب في حق الكفار بكى حتى يبل لحيته وتصير عيناه تهملان من الدموع وكذلك كان شيخه سيدي علي وشيخنا الشيخ زكريا فكانا يبكيان حتى كأن النار لم تخلق إلا لهما وبعدهم قل البكاء والخضوع حتى لا تكاد تجد إلا من هو قاسي القلب وربما لامه بعض الناس على ترك البكاء فيقول : البكاء إنما هو للمريدين ونحن بحمد الله قد قوينا على ترك البكاء وأفعال أحدهم تكذبه فإن الناس لو أخرجوه من زاويته أو أخذوا رزقته أو مسموحه لصار يبكي كالعجوز على ولدها مع أنه هذا ربما تفوته المواكب الإلهية في الأسحار كل ليلة فلا يبكي ولا يتأثر على فواتها فأين دعواه ؟ وشرط العاقل أن لا يدعي دعوة قط حتى يكون له شاهد من فعله عليها .
وسمعت أخي أفضل الدين C يقول : كل من لم يبك عند سماع المواعظ فهو كالحمار فإن الله تعالى هو الواعظ للعبد بكل آية على ألسنة الواعظين .
ويحتاج من يريد العمل بهذا العهد إلى سلوك على يد شيخ ناصح يسلك به حضرات الخائفين ويصير يبكي بقلبه ولو ضحك بفمه . وقد بكى السلف الصالح الدم حين نفدت الدموع من خوف الخاتمة وخوف القطيعة ومن خوف المكر بهم والاستدراج وأنت يا أخي كأنك أخذت من الله تعالى مرسوما بأنه لا يمكر بك وكل ذلك من تلبيس إبليس وقد قال تعالى في حق المصلين . { الذين هم على صلاتهم دائمون } وفي حق المزكين { الذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم } وفي حق المؤمنين { الذين يصدقون بيوم الدين } وفي حق الخائفين { الذين هم من عذاب ربهم مشفقون إن عذاب ربهم غير مأمون } . فتأمل يا أخي إذا كان أهل هذه الصفات لم يؤمنهم الله تعالى من عذابه فكيف من كان بالضد من ذلك كأمثالنا فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . فاسلك يا أخي على يد شيخ ناصح حتى يصير الجوع من شأنك لتبكي عند المواعظ خوفا من ربك والله يتولى هداك