وكذلك النظرة إذا أثرت في القلب فإن عجل الحازم بغضها وحسم المادة من أولها سهل علاجه وإن كرر النظر نقب عن محاسن الصورة ونقلها إلى قلب متفرغ فنقشها فيه فكلما تواصلت النظرات كانت كالمياه تسقى بها الشجرة فلا تزال تنمي فيفسد القلب ويعرض عن الفكر فيما أمر به ويخرج بصاحبه إلى المحن ويوجب ارتكاب المحظورات ويلقى في التلف .
والسبب في هذا الهلاك أن الناظر أول نظرة التذ بها فكررها يطلب الالتذاذ بالنظر مستهينا بذلك فأعقبه ما استهان به التلف ولو أنه غض عند أول نظرة لسلم في باقي عمره .
فصل وقد أكثر الشعراء في وصف البلايا التي حلت بالناظرين فقال .
الفرزدق .
تزود منها نظرة لم تدع له ... فؤادا ولم يشعر بما قد تزودا .
فلم أر مقتولا ولم أر قاتلا ... بغير سلاح مثلها حين أقصدا .
وقال إبراهيم بن العباس بن صول الكاتب .
من كان يؤتى من عدو وحاسد ... فإني من عيني أتيت ومن قلبي .
هما اعتوراني نظرة ثم فكرة ... فما أبقيا لي من رقاد ولا لب .
وروى أبو بكر بن دريد عن عبد الرحمن عن عمه قال قعدت إلى أعرابي