اجتمع عند الإسكندر نفر من الفلاسفة فذكروا يوما تولد المحبة من النظر فقال أحدهم النظر أوله أسف وآخره تلف .
وقال آخر من طاوع طرفه تابع حتفه .
أخبرنا ابن ناصر قال أنبأنا المبارك بن عبد الجبار قال أنبأنا الجوهري قال حدثنا ابن حيويه قال أنبأنا ابن المرزبان إذنا قال حدثني محمد بن علي ابن بشر المصري قال حدثني الفضل بن عاصم المنقري قال بينا رجل يطوف بالكعبة إذ بصر بامرأة ذات جمال وقوام فأفتنته وشغلت قلبه فأنشأ يقول .
ما كنت أحسب أن الحب يعرض لي ... عند الطواف ببيت الله ذي الستر .
حتى ابتليت فصار القلب مختبلا ... من حب جارية حوراء كالقمر .
ياليتني لم أكن عاينت صورتها ... لله ماذا توخاني به بصري .
فاحذر يا أخي وفقك الله من شر النظر فكم قد أهلك من عابد وفسخ عزم زاهد وسترى في غضون هذا الكتاب ما تعتبر به من قصص من فتنة النظر فاتعظ بذلك وتلمح معنى قول النبي A النظر سهم مسموم لأن السهم يسري إلى القلب فيعمل في الباطن قبل أن يرى عمله في الظاهر فاحذر من النظر فإنه سبب الآفات إلا ان علاجه في بدايته قريب فإذا كرر تمكن الشر فصعب علاجه .
وأضرب لك في ذلك مثلا إذا رأيت فرسا قد مالت براكبها إلى درب ضيق فدخلت فيه ببعض بدنها ولضيق المكان لا يمكن أن تدور فيه فصيح به ارجعها عاجلا قبل أن يتمكن دخولها فإن قبل وردها خطوة إلى ورائها سهل الأمر وإن توانى حتى ولجت ثم قام يجذبها بذنبها طال تعبه وربما لم يتهيأ له