فزاد هيمانه واشتد هيجانه ولم يزل كذلك حتى كان من أمره ما ذكر فنعوذ بالله من المحن والفتن .
ويروى أن رجلا عشق شخصا واشتد كلفه به وتمكن حبه من قلبه حتى وقع لما به ولزم الفراش من أجله وتمنع ذلك الشخص واشتد نفاره عنه فلم تزل الوسائط تمشي بينهما حتى وعد بأن يعوده فأخبر بذلك البائس ففرح واشتد سروره وانجلى غمه وجعل ينتظر الميعاد الذي ضرب له فبينما هو على ذلك إذ جاءه الماشي بينهما وقال إنه وصل معي إلى بعض الطريق ورجع فرغبت إليه وكلمته في إنجاز وعده والوفاء بعهده فقال إني أخاف الفضيحة ولا أدخل مداخل السوء والريب ولا أعرض نفسي لمواقع التهم وسألته فأبى وانصرف فلما سمع اليائس هذا سقط في يده وعاد إلى أشد مما كان به وبدت علائم الموت وأماراته عليه .
قال الراوي فسمعته يقول وهو في تلك الحال .
( سلام يا راحة العليل ... وبرء داء المدنف النحيل ) .
( لقاك اشهى إلى فؤادي ... من رحمة الخالق الجليل ) .
قال فقلت له يا فلان اتق الله فقال قد كان فقمت عنه فما جاوزت باب داره حتى سمعت صيحة الموت قد قامت عليه فنعوذ بالله من سوء العاقبة وشؤم الخاتمة بكرمه .
واعلم أن سوء الخاتمة أعاذنا الله منها لا يكون لمن استقام ظاهره وصلح باطنه وإنما يكون ذلك لمن كان له فساد في العقل وإصرار على الكبائر وإقدام على العظائم فربما غلب ذلك عليه حتى ينزل به الموت قبل التوبة ويثب عليه قبل الإنابة ويأخذه قبل إصلاح الطوية فيصطلمه الشيطان عند تلك الصدمة ويختطفه عند تلك الدهشة والعياذ بالله ثم العياذ بالله أن يكون لمن كان مستقيما لم يتغير عن حاله ويخرج عن سنته ويأخذ في غير طريقه