بعث عبادة بن الصامت إلى الصدقة اتق الله يا أبا الوليد لا تجيء يوم القيامة ببعير تحمله على رقبتك له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة لها تؤاج فقال يا رسول الله أهكذا يكون قال نعم والذي نفسي بيده إلا من رحم الله .
قال فوالذي بعثك بالحق لا اعمل على شيء أبدا // حديث قيل العبادة بن الصامت حين بعثه إلى الصدقة اتق الله يا أبا الوليد لا تجيء يوم القيامة ببعير تحمله على رقبتك الحديث أخرجه الشافعي في المسند من حديث طاوس مرسلا ولأبي يعلى في المعجم من حديث ابن عمر مختصرا انه قاله لسعد بن عبادة وإسناده صحيح // .
و قال A أني لا أخاف عليكم أن تشركوا بعدي إنما أخاف عليكم أن تنافسوا // حديث أني لا أخاف عليكم أن تشركوا بعدى إنما أخاف عليكم أن تنافسوا متفق عليه من حديث عقبة بن عامر // .
وإنما خاف التنافس في المال .
ولذلك قال عمر Bه في حديث طويل يذكر فيه مال بيت المال أني لم اجد نفسي فيه إلا كالوالى مال اليتيم أن استغنيت استعففت وان افتقرت أكلت بالمعروف .
وروى أن ابنا لطاوس افتعل كتابا عن لسانه إلى عمر بن عبد العزيز فأعطاه ثلثمائة دينار فباع طاوس ضيعة له وبعث من ثمنها إلى عمر بثلثمائة دينار هذا مع أن السلطان ليس مثل عمر بن عبد العزيز .
فهذه الدرجة العليا في الورع .
الدرجة الثانية هو أن يأخذ مال السلطان ولكن إنما يأخذ إذا علم أن ما يأخذه من جهة حلال فاشتمال يد السلطان على حرام آخر لا يضره وعلى هذا ينزل جميع ما نقل من الآثار أو أكثرها أو ما اختص منها باكابر الصحابة والورعين منهم مثل ابن عمر فإنه كان من المبالغين في الورع فكيف يتوسع في مال السلطان وقد كان من أشدهم إنكارا عليهم وأشدهم ذما لأموالهم وذلك انهم اجتمعوا عند ابن عامر وهو في مرضه وأشفق على نفسه من ولايته وكونه مأخوذا عند الله تعالى بها فقالوا له إنا لنرجو لك الخير حفرت الآبار وسقيت الحاج وصنعت وصنعت وابن عمر ساكت فقال ماذا تقول يا ابن عمر فقال أقول ذلك إذا طاب المكسب وزكت النفقة وسترد فترى .
وفي حديث آخر انه قال أن الخبيث لا يكفر الخبيث وانك قد وليت البصرة ولا احسبك إلا قد أصبت منها شرا .
فقال له ابن عامر إلا تدعو لى فقال ابن عمر سمعت رسول الله A يقول لا يقبل الله صلاة بغير طهورا ولا صدقة من غلول // حديث لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول أخرجه مسلم من حديث ابن عمر // .
وقد وليت البصرة فهذا قوله فيما صرفه إلى الخيرات .
وعن ابن عمر Bهما انه قال في أيام الحجاج ما شبعت من الطعام منذ انتهبت الدار إلى يومي هذا وروي عن علي Bه انه كان له سويق في أناء مختوم يشرب منه فقيل أتفعل هذا بالعراق مع كثرة طعامه فقال أما أني لا أختمه بخلابه ولكن أكره أن يجعل فيه ما ليس منه واكره أن يدخل بطني غير طيب فهذا هو المألوف منهم وكان ابن عمر لا يعجبه شيء إلا خرج عنه فطلب منه نافع بثلاثين آلفا فقال أني أخاف أن تقتنى دراهم ابن عامر وكان هو الطالب اذهب فأنت حر .
و قال أبو سعيد الخدري ما منا أحد إلا مالت به الدنيا إلا ابن عمر فبهذا يتضح انه لا يظن به وبمن كان في منصبه إنه أخذ مالا يدري أنه حلال .
الدرجة الثالثة أن يأخذ ما أخذه من السلطان ليتصدق به على الفقراء أو يفرقه على المستحقين فإن ما لا يتعين مالكه هذا حكم الشرع فيه .
فإذا كان السلطان أن لم يأخذ منه لم يفرقه واستعان به على ظلم فقد نقول أخذه منه وتفرقته أولى من تركه في يده وهذا قد رآه بعض العلماء وسيأتي وجهه .
وعلى هذا ينزل ما أخذه أكثرهم ولذلك قال ابن المبارك إن الذين يأخذون الجوائز اليوم ويحتجون بابن عمر وعائشة ما يقتدون بهما لان ابن عمر فرق ما اخذ حتى استقرض في مجلسه بعد تفرقته ستين ألفا وعائشة فعلت مثل ذلك وجابر بن زيد جاءه مال فتصدق به و قال رأيت أن آخذه منهم و أتصدق أحب إلي من أن أدعها في أيديهم وهكذا فعل الشافعي C بما قبله