ابن أبي ثابت قال لقد رأيت جائزة المختار لابن عمر وابن عباس فقبلاها فقيل ما هي قال مال وكسوة .
وعن الزبير بن عدي أنه قال قال سلمان إذا كان لك صديق عامل أو تاجر يقارف الربا فدعاك إلى طعام أو نحوه أو أعطاك شيئا فاقبل فإن المهنأ لك وعليه الوزر .
فإن ثبت هذا في المربى فالظالم في معناه .
وعن جعفر عن أبيه أن الحسن و الحسين عليهما السلام كانا يقبلان جوائز معاوية .
وقال حكيم بن جبير مررنا على سعيد بن جبير وقد جعل عاملا على أسفل الفرات فأرسل إلى العشارين أطعمونا مما عندكم فارسلوا بطعام فأكل وأكلنا معه وقال العلاء بن زهير الازدى أتى إبراهيم أبى وهو عامل على حلوان فأجازه فقبل و قال إبراهيم لا بأس بجائزة العمال أن للعمال مؤنة ورزقا .
ويدخل بيت ماله الخبيث و الطيب فما أعطاك فهو من طيب ماله .
فقد اخذ هؤلاء كلهم جوائز السلاطين الظلمة وكلهم طعنوا على من أطاعهم في معصية الله تعالى .
وزعمت هذه الفرقة أن ما ينقل من امتناع جماعة من السلف لا يدل على التحريم بل على الورع كالخلفاء الراشدين وأبى ذر وغيرهم من الزهاد فإنهم امتنعوا من الحلال المطلق زهدا ومن الحلال الذي يخاف إفضاؤه إلى محذور ورعا وتقوى .
فإقدام هؤلاء يدل على الجواز وامتناع أولئك لا يدل على التحريم .
وما نقل عن سعيد بن المسيب انه ترك عطاءه في بيت المال حتى اجتمع بضعة وثلاثين ألفا وما نقل عن الحسن من قوله لا أتوضأ من ماء صيرفي ولو ضاق وقت الصلاة لأني لا أدري اصل ماله كل ذلك ورع لا ينكر واتباعهم عليه أحسن من اتباعهم على الاتساع ولكن لا يحرم اتباعهم على الاتساع أيضا .
فهذه هي شبهة من يجوز اخذ مال السلطان الظالم .
و الجواب أن ما نقل من اخذ هؤلاء محصور قليل بالإضافة إلى ما نقل من ردهم وإنكارهم وان كان يتطرق إلى امتناعهم احتمال الورع فيتطرق إلى اخذ من أخذ ثلاثة احتمالات متفاوتة في الدرجة بتفاوتهم في الورع فإن للورع في حق السلاطين أربع درجات .
الدرجة الأولى أن لا يأخذ من أموالهم شيئا أصلا كما فعله الورعون منهم وكما كان يفعله الخلفاء الراشدون حتى أن أبا بكر Bه حسب جميع ما كان أخذه من بيت المال فبلغ ستة آلاف درهم فغرمها لبيت المال وحتى أن عمر Bه كان يقسم مال بيت المال يوما فدخلت ابنة له وأخذت درهما من المال فنهض عمر في طلبها حتى سقطت الملحفة من أحد منكبيه ودخلت الصبية إلى بيت أهلها تبكي وجعلت الدرهم في فيها فأدخل عمر أصبعه فأخرجه من فيها وطرحه على الخراج و قال أيها الناس ليس لعمر ولا لآل عمر إلا ما للمسلمين قريبهم وبعيدهم .
وكسح أبو موسى الاشعري بيت المال فوجد درهما فمر بنى لعمر Bه فأعطاه إياه فرأى عمر ذلك في يد الغلام فسأله عنه فقال أعطانيه أبو موسى فقال .
يا أبا موسى ما كان في أهل المدينة بيت أهون عليك من آل عمر أردت أن لا يبقي من أمة محمد A أحد إلا طلبنا بمظلمة ورد الدرهم إلى بيت المال .
هذا مع أن المال كان حلالا ولكن خاف أن لا يستحق هو ذلك القدر فكان يستبريء لدينه ويقتصر على الأقل امتثالا لقوله A دع ما يريبك إلى ما لا يريبك // حديث دع ما يريبك إلى ما لا يريبك تقدم في الباب الأول من الحلال والحرام // .
ولقوله ومن تركها فقد استبرأ لعرضه ودينه // حديث من تركها فقد استبرأ لدينه وعرضه متفق عليه من حديث النعمان بن بشير وقد تقدم أوله في أول الباب الثاني من الحلال والحرام // .
ولما سمعه من رسول الله A من التشديدات في الأموال السلطانية حتى قال A حين