الخامس ما اشتراه السلطان في الذمة من ارض أو ثياب خلعة أو فرس أو غيره فهو ملكه وله أن يتصرف فيه ولكنه سيقضى ثمنه من حرام وذلك يوجب التحريم تارة و الشبهة أخرى وقد سبق تفصيله .
السادس أن يكتب على عامل خراج المسلمين أو من يجمع أمواله القسمة و المصادرة وهو الحرام السحت الذي لا شبهة فيه وهو اكثر الإدرارات في هذا الزمان إلا ما على أراضي العراق فإنها وقف عند الشافعي C على مصالح المسلمين .
السابع ما يكتب على بياع يعامل السلطان فإن كان لا يعامل غيره فماله له كمال خزانة السلطان .
وان كان يعامل غير السلاطين اكثر فما يعطيه قرض على السلطان وسيأخذ بدله من الخزانة فالخلل يتطرق إلى العوض .
وقد سبق حكم الثمن الحرام .
الثامن ما يكتب على الخزانة أو على عامل يجتمع عنده من الحلال والحرام فإن لم يعرف للسلطان دخل إلا من الحرام فهو سحت محض وان عرف يقينا أن الخزانة تشتمل على مال حلال ومال حرام واحتمل أن يكون ما يسلم إليه بعينه من الحلال احتمالا قريبا له وقع في النفس واحتمل أن يكون من الحرام وهو الأغلب لان أغلب أموال السلاطين حرام في هذه الإعصار و الحلال في أيديهم معدوم أو عزيز فقد اختلف الناس في هذا فقال قوم كل ما لا أتيقن انه حرام فلى أن آخذه و قال آخرون لا يحل أن يؤخذ مالم يتحقق انه حلال فلا تحل شبهة أصلا .
وكلاهما إسراف و الاعتدال ما قدمنا ذكره وهو الحكم بأن الأغلب إذا كان حراما حرم وان كان الأغلب حلالا وفيه يقين حرام فهو موضع توقفنا فيه كما سبق .
لقد احتج من جوز اخذ أموال السلاطين إذا كان فيها حرام وحلال مهما لم يتحقق أن عين المأخوذ حرام بما روى عن جماعة من الصحابة انهم أدركوا أيام الأئمة الظلمة وأخذوا الأموال منهم أبو هريرة وأبو سعيد الخدرى وزيد بن ثابت وأبو أيوب الأنصاري وجرير بن عبد الله وجابر وانس بن مالك والمسور بن مخرمة .
فأخذ أبو سعيد وأبو هريرة من مروان ويزيد بن عبد الملك .
وأخذ ابن عمر وابن عباس من الحجاج .
وأخذ كثير من التابعين منهم كالشعبي وإبراهيم والحسن وابن أبي ليلى .
وأخذ الشافعي من هرون الرشيد ألف دينار في دفعة .
وأخذ مالك من الخلفاء أموالا جمة و قال علي Bه خذ ما يعطيك السلطان فإنما يعطيك من الحلال وما يأخذ من الحلال أكثر .
وإنما ترك من ترك العطاء منهم تورعا مخافة على دينه أن يحمل على مالا يحل .
ألا ترى قول أبي ذر للأحنف بن قيس خذ العطاء ما كان نحلة فإذا كان اثمان دينكم فدعوه و قال أبو هريرة Bه إذا أعطينا قبلنا وإذا منعنا لم نسأل .
وعن سعيد بن المسيب أن أبا هريرة Bه كان إذا أعطاه معاوية سكت وإن منعه وقع فيه .
وعن الشعبي عن مسروق لا يزال العطاء بأهل العطاء حتى يدخلهم النار أي يحمله ذلك على الحرام لا انه في نفسه حرام وروى نافع عن ابن عمر Bهما أن المختار كان يبعث إليه المال فيقبله ثم يقول لا أسال أحدا ولا أرد ما رزقني الله .
وأهدي إليه ناقة فقبلها وكان يقال لها ناقة المختار ولكن هذا يعارضه ما روى أن ابن عمر Bهما لم يرد هدية أحد إلا هدية المختار و الإسناد في رده أثبت .
وعن نافع أنه قال بعث ابن معمر إلى ابن عمر بستين ألفا فقسمها على الناس ثم جاءه سائل فاستقرض له من بعض من أعطاه وأعطى السائل .
ولما قدم الحسن بن علي Bهما على معاوية Bه فقال لأجيزك بجائزة لم أجزها أحدا قبلك من العرب ولا أجيزها أحدا بعدك من العرب قال فأعطاه أربعمائة ألف درهم فأخذها .
وعن حبيب