مقدرا الذهب مجهولا لم تصح المعاملة عليها أصلا إلا إذا كان ذلك نقدا جاريا في البلد فإنا نرخص في المعاملة عليه إذا لم يقابل بالنقد وكذا الدراهم المغشوشة بالنحاس إن لم تكن رائجة في البلد لم تصح المعاملة عليها لأن المقصود منها النقرة وهي مجهولة وإن كان نقدا رائجا في البلد رخصنا في المعاملة لأجل الحاجة وخروج النقرة عن أن يقصد استخراجها ولكن لا يقابل بالنقرة أصلا وكذلك كل حلي مركب من ذهب وفضة فلا يجوز شراؤه لا بالذهب ولا بالفضة بل ينبغي أن يشتري بمتاع آخر إن كان قدر الذهب منه معلوما إلا إذا كان مموها بالذهب تمويها لا يحصل منه ذهب مقصود عند العرض على النار فيجوز بيعها بمثلها من النقرة بما أريد من غير النقرة وكذلك لا يجوز للصيرفي أن يشتري قلادة فيها خرز وذهب بذهب ولا أن يبيعه بل بالفضة يدا بيد إن لم يكن فيها فضة ولا يجوز شراء ثوب منسوج بذهب يحصل منه ذهب مقصود عند العرض على النار بذهب ويجوز بالفضة غيرها وأما المتعاملون على الأطعمة فعليهم التقابض في المجلس اختلف جنس الطعام المبيع والمشترى أو لم يختلف فإن اتحد الجنس فعليهم التقابض ومراعاة المماثلة والمعتاد في هذا معاملة القصاب بأن يسلم إليه الغنم ويشتري بها اللحم نقدا أو نسيئة فهو حرام ومعاملة الخباز بأن يسلم إليه الحنطة ويشتري بها الخبز نسيئة أو نقدا فهو حرام ومعاملة العصار بأن يسلم إليه البزر والسمسم والزيتون ليأخذ منه الأدهان فهو حرام وكذا اللبان يعطي اللبن ليؤخذ منه الجبن والسمن والزبد وسائر أجراء اللبن فهو أيضا حرام ولا يباع الطعام بغير جنسه من الطعام إلا نقدا وبجنسه إلا نقدا ومتماثلا وكل ما يتخذ من الشيء المطعوم فلا يجوز أن يباع به متماثلا ولا متفاضلا فلا يباع بالحنطة دقيق وخبز وسويق ولا بالعنب والتمر دبس وخل وعصير ولا باللبن سمن وزبد ومخيض ومصل وجبن والمماثلة لا تفيد إذا لم يكن الطعام في حال كمال الادخار فلا يباع الرطب بالرطب والعنب بالعنب متفاضلا ومتماثلا فهذه جمل مقنعة في تعريف البيع والتنبيه على ما يشعر التاجر بمثارات الفساد حتى يستفتي فيها إذا تشكك والتبس عليه شيء منها وإذا لم يعرف هذا لم يتفطن لمواضع السؤال واقتحم الربا والحرام وهو لا يدري العقد الثالث السلم .
وليراع التاجر فيه عشرة شروط .
الأول أن يكون رأس المال معلوما على مثله حتى لو تعذر تسليم المسلم فيه أمكن الرجوع إلى قيمة رأس المال فإن أسلم كفا من الدراهم جزافا في كر حنطة لم يصح في أحد القولين .
الثاني أن يسلم رأس المال في مجلس العقد قبل التفرق فلو تفرقا قبل القبض انفسخ السلم .
الثالث أن يكون المسلم فيه مما يمكن تعريف أوصافه كالحبوب والحيوانات والمعادن والقطن والصوف والإبريسم والألبان واللحوم ومتاع العطارين وأشباهها ولا يجوز في المعجونات والمركبات وما تختلف أجزاؤه كالقسي المنوعة والنبل المعمول والخفاف والنعال المختلفة أجزاؤها وصنعتها وجلود الحيوانات .
ويجوز السلم في الخبز .
وما يتطرق إليه من اختلاف قدر الملح والماء بكثرة الطبخ وقلته يعفى عنه ويتسامح فيه .
الرابع أن يستقصي وصف هذه الأمور القابلة للوصف حتى لا يبقى وصف تتفاوت به القيمة تفاوتا لا يتغابن بمثله الناس إلا ذكره .
فإن ذلك الوصف هو القائم مقام الرؤية في البيع .
الخامس أن يجعل الأجل معلوما إن كان مؤجلا فلا يؤجل إلى الحصاد ولا إلى إدراك انثمار بل إلى الأشهر والأيام فإن الإدراك قد يتقدم وقد يتأخر .
السادس أن يكون المسلم فيه مما يقدر على تسليمه وقت المحل ويؤمن فيه وجوده غالبا .
فلا ينبغي أن يسلم في العنب إلى أجل لا يدرك فيه .
وكذا سائر الفواكه فإن كان الغالب وجوده وجاء المحل وعجز عن التسليم بسبب آفة فله أن يمهله إن شاء أو يفسخ ويرجع في رأس المال