سنة أسطوانة فمات لم أقطع له بالتوحيد لأني لا أدري ما ظهر له من التقلب .
وقال بعضهم لو كانت الشهادة على باب الدار والموت على الإسلام عند باب الحجرة لاخترت الموت على الإسلام لأني لا أدري ما يعرض لقلبي بين باب الحجرة وباب الدار .
وكان أبو الدرداء يحلف بالله ما أحد أمن على إيمانه أن يسلبه عن الموت إلا سلبه .
وكان سهل يقول خوف الصديقين من سوء الخاتمة عند كل خطرة وعند كل حركة وهم الذين وصفهم الله تعالى إذ قال وقلوبهم وجلة .
ولما احتضر سفيان جعل يبكي ويجزع فقيل له يا أبا عبد الله عليك بالرجاء فإن عفو الله أعظم من ذنوبك فقال أو على ذنوبي أبكي لو علمت أني أموت على التوحيد لم أبال بأن ألقى الله بأمثال الجبال من الخطايا .
وحكى عن بعض الخائفين أنه أوصى بعض إخوانه فقال إذا حضرتني الوفاة فاقعد عند رأسي فإن رأيتني مت على التوحيد فخذ جميع ما أملكه فاشتر به لوزا وسكرا وانثره على صبيان أهل البلد وقل هذا عرس المنفلت وإن مت على غير التوحيد فأعلم الناس بذلك حتى لا يغتروا بشهود جنازتي ليحضر جنازتي من أحب على بصيرة لئلا يلحقني الرياء بعد الوفاة .
فقال وبم أعلم ذلك فذكر له علامة فرأى علامة التوحيد عند موته فاشترى السكر واللوز وفرقه .
وكان سهل يقول المريد يخاف أن يبتلى بالمعاصي والعارف يخاف أن يبتلى بالكفر .
وكان أبو زيد يقول إذا توجهت إلى المسجد فكأن في وسطي زنارا أخاف أن يذهب بي إلى البيعة وبيت النار حتى أدخل المسجد فينقطع عني الزنار فهذا لي في كل يوم خمس مرات .
وروي عن المسيح E أنه قال يا معشر الحواريين أنتم تخافون المعاصي ونحن معاشر الأنبياء نخاف الكفر .
وروي في أخبار الأنبياء أن نبيا شكى إلى الله تعالى الجوع والقمل والعرى سنين وكان لباسه الصوف .
فأوحى الله تعالى إليه عبدي أما رضيت أن عصمت قلبك أن تكفر بي حتى تسألني الدنيا فأخذ التراب فوضعه على رأسه وقال بلى قد رضيت يا رب فاعصمني من الكفر .
فإن كان خوف العارفين مع رسوخ أقدامهم وقوة إيمانهم من سوء الخاتمة فكيف لا يخافه الضعفاء .
ولسوء الخاتمة أسباب تتقدم على الموت مثل البدعة والنفاق والكبر وجملة من الصفات المذمومة ولذلك اشتد خوف الصحابة من النفاق حتى قال الحسن لو أعلم أني برئ من النفاق كان أحب إلى مما طلعت عليه الشمس وما عنوا به النفاق الذي هو ضد أصل الإيمان بل المراد به ما يجتمع مع أصل الإيمان فيكون مسلما منافقا وله علامات كثيرة قال A أربع من كن فيه فهو منافق خالص وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم وإن كانت فيه خصلة منهم ففيه شعبة من النفاق حتى يدعها من إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان وإذا خاصم فجر // حديث أربع من كن فيه فهو منافق الحديث متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو وقد تقدم في قواعد العقائد // .
وفي لفظ آخر وإذا عاهد غدر .
وقد فسر الصحابة والتابعون النفاق بتفاسير لا يخلو عن شيء منه إلا صديق إذ قال الحسن إن من النفاق اختلاف السر والعلانية واختلاف اللسان والقلب واختلاف المدخل والمخرج ومن الذي يخلو عن هذا المعاني